بالمذكورة ، وتكون حالا من المضمر ، ليتقيّد بها فتقيد ما لم يفده الفعل ؛ وعن الثاني بأنه على حذف الموصوف ، أي : ومنا قوم دون ذلك ، كقولهم : «منّا ظعن ومنّا أقام» ، أي : منا فريق ظعن ومنا فريق أقام ، ومنها قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] فيمن فتح «بين» ، قاله الأخفش ، ويؤيّده قراءة الرّفع ؛ وقيل : «بين» ظرف ، والفاعل ضمير مستتر راجع إلى مصدر الفعل ، أي : لقد وقع التقطع ، أو إلى الوصل ؛ لأن (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) [الأنعام : ٩٤] يدلّ على التهاجر ، وهو يستلزم عدم التواصل ، أو إلى (ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام : ٩٤] على أن الفعلين تنازعاه ، ويؤيّد التأويل قوله [من الطويل] :
٦٦٨ ـ أهم بأمر الحزم لو أستطيعه |
|
وقد حيل بين العير والنّزوان (١) |
بفتح «بين» مع إضافته لمعرب ، ومنها قوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] فيمن فتح «مثلا» ؛ وقراءة بعض السلف (أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ) [هود : ٨٩] بالفتح ، وقول الفرزدق [من البسيط] :
٦٦٩ ـ [فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم] |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (٢) |
وزعم ابن مالك أن ذلك لا يكون في «مثل» لمخالفتها للمبهمات ؛ فإنها تثنّى وتجمع كقوله تعالى : (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) [الأنعام : ٣٨] ، وقول الشاعر [من البسيط] :
٦٧٠ ـ [من يفعل الحسنات الله يشكرها] |
|
والشّرّ بالشر عند الله مثلان (٣) |
وزعم أنّ «حقا» اسم فاعل من «حقّ يحق» ، وأصله : «حاقّ» فقصر ، كما قيل : «برّ» و «سرّ» ؛ ففيه ضمير مستتر ، ومثل : حال منه ، وأن فاعل «يصيبكم» ضميره تعالى لتقدّمه في (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) [هود : ٨٨] ومثل : مصدر.
وأما بيت الفرزدق ففيه أجوبة مشهورة ، ومنها قوله [من البسيط] :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لصخر بن عمرو السلمي ، في الأصمعيات ص ١٤٦ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٣٨ ، ولسان العرب ١٥ / ٣١٩ ، مادة / نزا /.
(٢) البيت من البسيط ، وهو للفرزدق في ديوانه ١ / ١٨٥ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٢٠٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٣٣ ، والدرر ٢ / ١٠٣ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٣٧.
(٣) تقدم تخريجه.