لا يقال «ضربتني» ولا «فرحت بي».
وفيه نظر ؛
لأنها لو كانت اسما في هذه المواضع لصحّ حلول «فوق» محلّها ، ولأنها لو لزمت
اسميّتها لما ذكر لزم الحكم باسميّة «إلى» في نحو : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [البقرة : ٢٦٠] ، (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ) [القصص : ٣٢] ، (وَهُزِّي إِلَيْكِ) [مريم : ٢٥] ، ...
______________________________________________________
يجز ذلك في الأفعال القلبية بحيث (لا يقال :
ضربتني وفرحت بي) ؛ لأن أصل الفاعل أن يكون مؤثرا والمفعول به أن يكون متأثرا منه ، وأصل
المؤثر أن يغاير المتأثر فإن اتحدا معنىّ كره اتفاقهما لفظا ، فلهذا لا يقال : ضرب
زيد زيدا وأنت تريد ضرب زيد نفسه فلم يقولوا : ضربتني ولا ضربتك وإن تخالفا لفظا ؛
لاتحادهما معنى ولاتفاقهما من حيث كل واحد منهما ضمير متصل ، فقصد مع اتحادهما
معنى تغايرهما لفظا بقدر الإمكان ، فمن ثم قالوا : ضرب زيد نفسه صار النفس بإضافته
إلى ضمير زيد ، كأنه غيره لغلبة مغاير المضاف للمضاف إليه فصار الفاعل والمفعول في
ضرب زيد نفسه مظهرين متغايرين في الظاهر.
وأما أفعال
القلوب فإن المفعول به فيها ليس المنصوب الأول في الحقيقة ، بل هو مضمون الجملة
فجاز اتفاقهما لفظا ؛ لأنهما ليسا في الحقيقة فاعلا ومفعولا به ، وحمل فقد وعدم
على وجد لأنهما ضداه كما أسلفنا قال الشاعر :
ندمت على ما
كان مني فقدتني
|
|
كما يندم
المغبون حين يبيع
|
وقال الآخر :
لقد كان لي
عن ضرتين عدمتني
|
|
وعما ألاقي
منهما متزحزح
|
(وفيه) أي : فيما قاله الأخفش (نظر لأنها لو
كانت اسما في هذه المواضع لصح حلول فوق محلها) ولا شك أنه لا يصح أن يقال : هون في فوقك وكذا الآية ،
وهذا النظر قاله أبو حيان أيضا ، وقد يقال : لا نسلم أن ما كان بمعنى شيء يصح
حلوله في محل ذلك الشيء (ولأنه لو لزمت اسميتها لما ذكر) من أنه لا يتعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل (لزم الحكم باسمية إلى في نحو : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [البقرة : ٢٦]) ونحو : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ) [القصص : ٣٢] ونحو : (وَهُزِّي إِلَيْكِ) [مريم : ٢٥] وفي كلامه حذف العاطف في غير محله إن جعلت الواو من المتلو ،
__________________