* (يا) : حرف موضوع لنداء البعيد حقيقة أو حكما ، وقد ينادى بها القريب توكيدا ، وقيل : هي مشتركة بين القريب والبعيد. وقيل : بينهما وبين المتوسّط ، وهي أكثر أحرف النّداء استعمالا ؛ ولهذا لا يقدّر عند الحذف سواها ، نحو : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا) [يوسف : ٢٩] ، ولا ينادى اسم الله عزوجل ، والاسم المستغاث ، و «أيّها» و «أيتها» إلّا بها ، ولا المندوب إلّا بها أو بـ «وا» ، وليس نصب المنادى بها ، ولا بأخواتها أحرفا ، ولا بهنّ أسماء لـ «أدعو» متحمّلة لضمير الفاعل ، خلافا لزاعمي ذلك ، بل بـ «أدعو» محذوفا لزوما. وقول ابن الطّراوة : النّداء إنشاء ، و «أدعو» خبر ، سهو منه ، بل «أدعو» المقدّر إنشاء كـ «بعت» و «أقسمت».
وإذا ولي «يا» ما ليس بمنادى كالفعل في (أَلَّا يَسْجُدُوا) [النمل : ٢٥] ، وقوله [من الطويل] :
٤٦٥ ـ ألا يا اسقياني بعد غارة سنجال ، |
|
[وقبل منايا عاديات وأوجال](١) |
والحرف في نحو : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ) [النساء : ٧٣] ، «يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة» ، والجملة الاسمية ، كقوله [من البسيط] :
٤٦٦ ـ يا لعنة الله والأقوام كلّهم |
|
والصّالحين على سمعان من جار (٢) |
فقيل : هي للنداء والمنادى محذوف ، وقيل : هي لمجرّد التنبيه ، لئلّا يلزم الإجحاف بحذف الجملة كلّها ، وقال ابن مالك : إن وليها دعاء كهذا البيت أو أمر ، نحو : (أَلَّا يَسْجُدُوا) [النمل : ٢٥] فهي للنّداء ؛ لكثرة وقوع النداء قبلهما ، نحو : (يا آدَمُ اسْكُنْ) [البقرة : ٣٥] ، (يا نُوحُ اهْبِطْ) [هود : ٤٨] ، ونحو : (يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) [الزخرف : ٧٧] ، وإلّا فهي للتنبيه ، والله أعلم.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو للشماخ في ملحق ديوانه ص ٤٥٦ ، وتذكرة النحاة ص ٦٨٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٦ ، وشرح المفصل ٨ / ١١٥ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٣٥٦.
(٢) البيت من البسيط ، وهو بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٤٤٨ ، والإنصاف ١ / ١١٨ ، والجنى الداني ص ٣٥٦ ، وجواهر الأدب ص ٢٩٠ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٩٧ ، والدرر ٣ / ٢٥.