وأما هنا فيتعيّن كونها ظرفا لـ «تصل» بتقدير : وأيّ وقت تصل براءة ، أو مفعولا به حذف بها ؛ ولمّا خفي المعنى بحذف مرجع الضمير ذكر «براءة» بيانا له : إما على أنه بدل منه ، أو على إضمار : أعني ؛ ولك أن تعيده على ما بعده وهو «براءة» : إما على أنه بدل منه مثل «رأيته زيدا» فمفعول «بدأت» محذوف ، أو على أن الفعلين تنازعاها فأعمل الثاني متّسعا فيه بإسقاط الباء ، وأضمر الفضلة في الأول ، على حد قوله [من الطويل] :
٣٨٦ ـ إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب |
|
جهارا فكن في الغيب أحفظ للودّ (١) |
* * * *
(مع): اسم ؛ بدليل التنوين في قولك «معا» ودخول الجارّ في حكاية سيبويه «ذهبت من معه» ، وقراءة بعضهم (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) [الأنبياء : ٢٤] ، وتسكين عينه لغة غنم وربيعة لا ضرورة خلافا لسيبويه ، واسميّتها حينئذ باقية ، وقول النحّاس «إنها حينئذ حرف بالإجماع» مردود.
وتستعمل مضافة ، فتكون ظرفا ، ولها حينئذ ثلاثة معان :
أحدها : موضوع الاجتماع ؛ ولهذا يخبر بها عن الذوات ، نحو : (وَاللهُ مَعَكُمْ) [محمد : ٣٥].
والثاني : زمانه نحو : «جئتك مع العصر».
والثالث : مرادفة عند ، عليه القراءة وحكاية سيبويه السابقتان.
ومفرده ، فتنوّن ، وتكون حالا ، وقد جاءت ظرفا مخبرا به في نحو قوله [من الطويل] :
٣٨٧ ـ أفيقوا بني حرب وأهواؤنا معا |
|
وأرحامنا موصولة لم تقضّب (٢) |
وقيل : هي حال ، والخبر محذوف ، وهي في الإفراد بمعنى جميعا عند ابن مالك ، وهو خلاف قول ثعلب : «إذا قلت «جاءا جميعا» احتمل أنّ فعلهما في وقت واحد أو في وقتين ؛ وإذا قلت «جاءا معا» فالوقت واحد» ا ه. وفيه نظر ، وقد عادل بينهما من قال [من السريع] :
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥ / ٢٨١ ، وأوضح المسالك ٢ / ٢٠٣.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لجندل بن عمرو في الدرر ٣ / ١٤٣ ، وشرح شواهد المغني ص ٧٤٦ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٣٠٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣١٢.