وقال الإمام أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم الهرويّ في كتاب «الكافي» (١) له : فإن قال قائل : فلم أدخلتم قراءة أبي جعفر (٢) المدنيّ ويعقوب (٣) الحضرمي في جملتهم ، وهم خارجون عن السبعة المتفق عليهم؟ قلنا : إنما اتّبعنا (٤) قراءتهما كما اتبعنا السبعة ؛ لأنا وجدنا قراءتهما على الشرط الذي وجدناه في قراءة غيرهما ممّن بعدهما في العلم والثقة (٥) بهما واتصال إسنادهما ، وانتفاء الطعن عن روايتهما. ثم إن التمسّك بقراءة سبعة (٦) فقط ليس له أثر ولا سنة ؛ وإنّما السنّة أن تؤخذ القراءة إذا اتصلت روايتها (٧) نقلا وقراءة ولفظا ولم يوجد طعن على أحد من رواتها ؛ ولهذا المعنى قدمنا السبعة (٨) على غيرهم ، وكذلك نقدّم أبا جعفر ويعقوب على غيرهما (٩).
ولا يتوهم أن قوله صلىاللهعليهوسلم : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (١٠) انصرافه إلى قراءة سبعة من القراء يولدون من بعد عصر [من] (١١) الصحابة بسنين كثيرة ؛ لأنه يؤدّي إلى أن يكون الخبر متعريا (١٢) عن فائدة إلى أن يحدثوا ؛ ويؤدّي إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرءوا إلا بما علموا أن السبعة من القراء يختارونه ، قال : وإنما ذكرناه لأن قوما من العامة يتعلقون به.
وقال الشيخ موفق الدين الكواشي (١٣) «كلّ ما صح سنده ، واستقام وجهه في (١٤) العربية ، ووافق لفظه خطّ المصحف الإمام ، فهو من السّبعة (١٥) المنصوص عليها ، ولو رواه سبعون ألفا
__________________
(١) ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ١٣٧٩ باسم «الكافي في القراءات السبع» ومؤلفه هو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد الفقيه أبو محمد الهروي السرخسي. كان زاهدا ورعا وكان إماما في الحديث والقراءات ومعاني القرآن والأدب له تصانيف نفيسة أهمها : «الشافي في القراءة» و «الكافي» ت ٤١٤ ه (السبكي ، طبقات الشافعية ٣ / ١١٥).
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (حفص).
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (وأبو جعفر).
(٤) في المخطوطة (اتبعناها في).
(٥) تصحفت في المخطوطة إلى (والفقه).
(٦) في المخطوطة (السبعة).
(٧) في المخطوطة (رواية).
(٨) في المخطوطة (السبع).
(٩) في المخطوطة (غيرهم).
(١٠) تقدم تخريج الحديث في النوع الحادي عشر (معرفة على كم لغة نزل).
(١١) ساقطة من المطبوعة.
(١٢) في المخطوطة (متعديا).
(١٣) أحمد بن يوسف بن حسن الكواشي تقدم في ١ / ٢٧٢ ، وهو قول مكّي بن أبي طالب في «الإبانة» ص : ٦٧.
(١٤) عبارة المصنف : «واستقام مع جهة العربية» والتصويب من الإبانة.
(١٥) في المطبوعة : «السبع» والتصويب من المخطوطة «والإبانة» ، والمقصود الأحرف السبعة المنصوص عليها في حديث : «أنزل القرآن على سبعة أحرف».