الخاطر فيه ما اجتلبه عفوا ، بخلاف التكلّف (١) ، وهذا [إذا] (٢) رأي أبي الفرج قدامة (٣)».
قال أبو الحسن (٤) : «وكيف يعاب السّجع على الإطلاق! وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب [٩ / ب] ، فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلام العرب ، وإنما لم يجيء على أسلوب واحد ، لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد ، لما فيه من التكلف (٥) ، ولما في الطبع من الملل عليه ، ولأنّ الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد فلهذا وردت بعض آي القرآن متماثلة المقاطع ، وبعضها غير متماثل».
[فصل] (٦)
واعلم أن إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل حيث تطّرد متأكّد جدا ، ومعتبر (٧) في اعتدال نسق الكلام وحسن موقعه من النّفس (٨) تأثيرا عظيما ، ولذلك خرج عن نظم الكلام لأجلها في مواضع : (أحدها) زيادة حرف لأجلها ، ولهذا ألحقت الألف ب «الظنون» في قوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (الأحزاب : ١٠) ، لأن مقاطع فواصل هذه السورة ألفات منقلبة عن تنوين في الوقف ، فزيد على النون الألف (٩) لتساوي المقاطع ، وتناسب نهايات الفواصل ، ومثله : (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) (الأحزاب : ٦٧) ، (وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) (الأحزاب : ٦٦).
__________________
(١) العبارة في المخطوطة : (ما اجتلبه عقولا بخلاف التكليف) ، وهو تصحيف ظاهر.
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) هو أبو الفرج قدامة بن جعفر بن قدامة الكاتب. كان نصرانيا وأسلم على يد المكتفي بالله ، وكان أحد البلغاء الفصحاء ، والفلاسفة الفضلاء وممّن يشار إليه في علم المنطق. من تصانيفه : كتاب «الخراج» و «نقد الشعر» وغيرهما ، توفي سنة ٣٣٧ (ياقوت ، معجم الأدباء ١٧ / ١٢).
(٤) في المطبوعة : (حازم) ، وحازم هو أبو الحسن.
(٥) في المخطوطة : (التكليف) ، والصواب ما أثبتناه ، وانظر الإتقان ٣ / ٢٩٥.
(٦) زيادة اتّبعنا فيها تقسيم السيوطي في الإتقان ٣ / ٢٩٦ ، وقد اختصر الزركشي في هذا الفصل كلام الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنبلي المعروف بابن أبي الفرس من كتابه : «إحكام الرأي في أحكام الآي» ذكره السيوطي في الإتقان.
(٧) في المطبوعة : (ومؤثر).
(٨) العبارة في المخطوطة : (في اليقين).
(٩) في المطبوعة : (النون ألف) ، وفي المخطوطة : (على التنوين الألف).