يحكم على «عارف» بأنه جملة ، ولا عومل معاملتها في البناء ، حيث أعرب في
نحو : «رجل عارف ، ورجلا عارفا ، ورجل عارف» وأتبعه في حكم الإفراد نحو : «زيد
عارف أبوه» يعني أتبع «عارف» «عرف» في الإفراد إذا أسند إلى الظاهر ، مفردا كان ،
أو مثنى ، أو مجموعا.
ثم قال [السكاكي]
: ومما يفيد التخصيص ما يحكيه علت كلمته عن قوم شعيب عليه السّلام : (وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) [هود : الآية ٩١] أي العزيز علينا يا شعيب رهطك لا أنت لكونهم من أهل ديننا
، ولذلك قال عليه السّلام في جوابهم : (أَرَهْطِي أَعَزُّ
عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ) [هود : الآية ٩٢] أي من نبي الله ، ولو كان معناه معنى «ما عززت علينا» لم
يكن مطابقا.
وفيه نظر ؛ لأن
قوله (وَما أَنْتَ عَلَيْنا
بِعَزِيزٍ) [هود : الآية ٩١] من باب «أنا عارف» لا من باب «أنا عرفت» والتمسك بالجواب
ليس بشيء لجواز أن يكون عليه السّلام فهم كون رهطه أعزّ عليهم من قولهم : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) [هود : الآية ٩١].
وقال الزمخشري
: دلّ إيلاء ضميره حرف النفي على أن الكلام في الفاعل لا في الفعل ، كأنه قيل : «وما
أنت علينا بعزيز ، بل رهطك هم الأعزة علينا».
وفيه نظر ؛
لأنا لا نسلم أن إيلاء الضمير حرف النفي إذا لم يكن الخبر فعليا يفيد الحصر.
فإن قيل :
الكلام واقع فيه وأنهم الأعزة عليهم دونه ، فكيف صحّ قوله : (أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ
اللهِ؟).
قلنا : قال
السكاكي : معناه من نبي الله ، فهو على حذف المضاف ، وأجود منه ما قال الزمخشري ،
وهو أن تهاونهم به وهو نبي الله تهاون بالله ، فحين عز عليهم رهطه دونه كان رهطه
أعز عليهم من الله ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النّساء : الآية ٨٠]؟ ويجوز أن يقال : لا شك أن همزة الاستفهام هنا ليست
على بابها ، بل هي للإنكار ، للتوبيخ ، فيكون معنى قوله : (أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ
اللهِ) [هود : الآية ٩٢] إنكار أن يكون مانعهم من رجمه رهطه ، لانتسابه إليهم دون
الله تعالى مع انتسابه إليه أيضا ، أي أرهطي أعز عليكم من الله حتى كان امتناعكم
من رجمي بسبب انتسابي إليهم بأنهم رهطي ولم يكن بسبب انتسابي إلى الله تعالى بأني
رسوله ، والله أعلم.
ومما يرى
تقديمه كاللازم لفظ : «مثل» إذا استعمل كناية من غير تعريض كما في قولنا : «مثلك
لا يبخل» ونحوه مما لا يراد بلفظ «مثل» غير ما أضيف إليه ولكن أريد أنّ