فهبها كشيء لم يكن ، أو كنازح |
|
به الدار ، أو من غيّبته المقابر (١) |
ومنه التجريد ، وهو : أن ينتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة ، مبالغة في كمالها فيه.
وهو أقسام :
منها : نحو قولهم : «لي من فلان صديق حميم» ، أي : بلغ من الصداقة مبلغا صح معه أن يستخلص منه صديق آخر.
ومنها : نحو قولهم : «لئن سألت فلانا لتسألنّ به البحر».
ومنها : نحو قول الشاعر :
وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى |
|
بمستلئم مثل الفنيق المرحّل (٢) |
أي : تعدو بي ؛ ومعي من نفسي ـ لكمال استعدادها للحرب ـ مستلئم ، أي : لا بخس لأمة.
ومنها : نحو قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) [فصّلت : الآية ٢٨] ؛ فإن جهنم ـ أعاذنا الله منها ـ هي دار الخلد ، لكن انتزع منها مثلها ، وجعل معدّا فيها للكفار ؛ تهويلا لأمرها.
ومنها : نحو قول الحماسي : [قتادة بن سلم الحنفي]
فلئن بقيت لأرحلنّ بغزوة |
|
تحوي الغنائم أو يموت كريم (٣) |
وعليه قراءة من قرأ : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٣٧) [الرّحمن : الآية ٣٧] بالرفع ، بمعنى : فحصلت سماء وردة.
وقيل : تقدير الأول : أو يموت مني كريم ، والثاني : فكانت منه وردة كالدهان ، وفيه نظر.
ومنها : نحو قوله : [أعشى قيس]
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو في أسرار البلاغة ص ٢٩١ ، ومفتاح العلوم ص ١٥١.
(٢) البيت من الطويل ، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ١٤٩٩ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٨٩ ، ولسان العرب (دجل) ، وبلا نسبة في المقاصد النحوية ٤ / ١٩٥ ، ويروى «المدجّل» بدل «المرحّل».
(٣) البيت من الكامل ، وهو لقتادة بن مسلم الحنفي في ديوان الحماسة ص ٧٧٠ ، ونهاية الأرب ٧ / ١٥٦.