والرّخاوة والتوسط بينها ، وغير ذلك ، مستدعية أن العالم بها ، إذا أخذ في تعيين شيء منها لمعنى ، لا يهمل التناسب بينهما ؛ قضاء لحقّ الحكمة ، كالفصم ـ بالفاء الذي هو حرف رخو ـ لكسر الشيء من غير أن يبين ، والقصم ـ بالقاف الذي هو حرف شديد ـ لكسر الشيء حتى يبين ، وأن للتركيبات ـ كالفعلان والفعلى بالتحريك كالنّزوان والحيدى ، وفعل مثل شرف وغير ذلك ـ خواصّ أيضا ؛ فيلزم فيها ما يلزم في الحروف ، وفي ذلك نوع تأثير لأنفس الكلم في اختصاصها بالمعاني.
والمجاز : مفرد ، ومركّب (وهما مختلفان).
أما المفرد فهو : الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له ، في اصطلاح به التخاطب ، على وجه يصحّ ، مع قرينة عدم إرادته. فقولنا : «المستعملة» احتراز عما لم يستعمل ، لأن الكلمة قبل الاستعمال لا تسمّى مجازا ، كما لا تسمى حقيقة.
وقولنا : «في الاصطلاح به التخاطب» ليدخل فيه نحو لفظ «الصلاة» إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازا ؛ فإنه وإن كان مستعملا فيما وضع له في الجملة فليس بمستعمل فيما وضع له في الاصطلاح الذي به وقع التخاطب.
وقولنا : «على وجه يصح» احتراز عن الغلط كما سبق.
وقولنا : «مع قرينة عدم إرادته» احتراز عن الكناية كما تقدم.
والحقيقة لغويّة ، وشرعيّة ، وعرفيّة : خاصّة ، أو عامّة. لأن واضعها إن كان واضع اللغة فلغوية ، وإن كان الشارع فشرعيّة ، وإلا فعرفية ، والعرفية إن تعيّن صاحبها نسبت إليه ، كقولنا : كلامية ، ونحويّة ، وإلا بقيت مطلقة.
مثال اللغوية : لفظ «أسد» إذا استعمله المخاطب بعرف اللغة في السبع المخصوص. ومثال الشرعية : لفظ «صلاة» إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في العبادة المخصوصة ، ومثال العرفيّة الخاصة : لفظ «فعل» إذا استعمله المخاطب بعرف النحو في الكلمة المخصوصة ، ومثال العرفيّة العامّة : لفظ «دابة» إذا استعمله المخاطب بالعرف العامّ في ذي الأربع. وكذلك المجاز المفرد : لغويّ ، وشرعيّ ، وعرفيّ.
مثال اللغويّ : لفظ «أسد» إذا استعمله المخاطب بعرف اللغة في الرجل الشجاع ، ومثل الشرعيّ : لفظ «صلاة» إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء ، ومثال العرفيّ الخاصّ : لفظ «فعل» إذا استعمله المخاطب بعرف النحو في الحدث ، ومثال العرفيّ العام : لفظ «دابة» إذا استعمله المخاطب بالعرفي العام في الإنسان.
والحقيقة إما فعيل بمعنى مفعول ، من قولك : حققت الشيء أحقّه ؛ إذا أثبتّه ، أو