وكل جملة خالية عن ضمير ما يجوز أن ينتصب عنه حال ؛ يصح أن تقع حالا عنه إذا كانت مع الواو ، إلا المصدّرة بالمضارع المثبت ، كقولك : «جاء زيد ويتكلم عمرو» على أن يكون «ويتكلم عمرو» حالا عن «زيد» لما سيأتي أن ارتباط مثلها يجب أن يكون بالضمير وحده.
وأما الثانية ؛ فتارة يجب أن تكون بالواو ، وتارة يمتنع ذلك ، وتارة يترجّح أحدهما ، وتارة يستوي الأمران.
والواو غير مناف للضمير في إفادة الربط ؛ فتعيّن التنبيه على أسباب الاختلاف ؛ فنقول :
الجملة إن كانت فعلية والفعل مضارع مثبت ، امتنع الواو ، كقوله تعالى : (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام : الآية ١١٠] ، وقوله : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (٦) [المدّثّر : الآية ٦] ، وقوله : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) (١٨) [الليل : الآيتان ١٧ ، ١٨] لأن أصل الحال المفردة أن تدل على حصول صفة غير ثابتة مقارن لما جعلت قيدا له ، والمضارع المثبت كذلك.
أما دلالته على حصول صفة غير ثابتة ، فلأنه فعل مثبت والفعل المثبت يدل على التجدد وعدم الثبوت كما مرّ.
وأما دلالته على المقارنة ؛ فلكونه مضارعا.
فوجب أن يكون بالضمير وحده كالحال المفردة ، ولهذا امتنع نحو : جاء زيد ويتكلم عمرو ، كما مر.
وأما ما جاء من نحو قول بعض العرب : «قمت وأصكّ عينه ، أو وجهه» وقول عبد الله بن همّام السّلوليّ :
فلمّا خشيت أظافيرهم |
|
نجوت ، وأرهنهم مالكا (١) |
فقيل : على حذف المبتدأ ، أي : وأنا أصك عينه ، وأنا أرهنهم.
وقيل : الأول شاذ ، والثاني ضرورة.
__________________
(١) البيت من المتقارب ، وهو لعبد الله بن همام السلولي في إصلاح المنطق ص ٢٣١ ، ٢٤٩ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٦ ، والدرر ٤ / ١٥ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٥٥ ، ولسان العرب (رهن) ، ومعاهد التنصيص ١ / ٢٨٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١٩٠ ، ولهمام بن مرة في تاج العروس (رهن) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ١٦٤ ، ورصف المباني ص ٤٢٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٢٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٤٠ ، والمقرب ١ / ١٥٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٤٦.