فيجاب بإيراد ذاتيّاته (١) [وتقع هل البسيطة في التّرتيب بينهما] أي بين ما الّتي لشرح الاسم ، والّتي لطلب الماهيّة ، يعني أنّ مقتضى الترتيب الطّبيعي (٢) ، أن يطلب أوّلا شرح الاسم ، ثمّ وجود المفهوم في نفسه ، ثمّ ماهيته وحقيقته ، لأنّ من لا يعرف مفهوم اللّفظ استحال منه أن يطلب وجود ذلك المفهوم ، ومن لا يعرف أنّه موجود
______________________________________________________
السّبب والمسبّب باعتبار الإجمال والتّفصيل ، وبالجملة إنّ الحكماء اصطلحوا على إطلاق الحقيقة على الماهيّة المحرز وجودها في خارج الذّهن الأعمّ من خارج الأعيان ونفس الأمر ، ثمّ تفسير الماهيّة بالحقيقة إشارة إلى أنّ المراد بالماهيّة هي الحقيقة ، لا مطلق ما يقع في جواب ما هو.
(١) أي من الجنس والفصل ، كأن يقال في جواب ما الإنسان؟ حيوان ناطق ، بعد معرفة أنّ الإنسان شيء موجود في نفسه.
(٢) إنّ ما ذكره الشّارح لا يخلو عن قصور ، والتّقريب التّامّ أن يقال : يطلب بما أوّلا ما وضع له اللّفظ من المعنى إجمالا ، ثمّ يطلب شرح هذا المفهوم وتفصيله ، ثمّ يطلب بهل البسيطة وجوده في نفسه ، ثمّ يطلب بما الحقيقيّة حقيقته التّفصيليّة ، ثمّ يطلب بهل المركّبة أعراضه وطواريه ، فهل البسيطة تقع بين نوعين من (ما) الشّارحة والحقيقيّة ، وما الحقيقيّة بين نوعين من (هل) البسيطة والمركبّة.
فيقال أوّلا : ما العنقاء؟ فيجاب أنّها نوع من الطّير ، ثمّ يقال أيضا : ما العنقاء؟ أو ما هذا النّوع؟ فيجاب طائر تخطف الأطفال ، ثمّ يقال : هل العنقاء موجودة؟ فيجاب بأنّها موجودة أو غير موجودة ، ثمّ ما العنقاء؟ أي ما حقيقتها؟ فيجاب بإيراد ذاتيّاتها ، ثمّ يقال : هل هي دائمة؟
فيقال : غير دائمة ، والشّارح قد أسقط مرتبة واحدة ، أي السّؤال بما عن شرح المسمّى وتفصيله بعد العلم به إجمالا ، ويمكن أن يكون المراد به الأعمّ من بيان الموضوع له إجمالا ، وشرحه وتفصيله ، ثمّ إنّ الطّبيعيّ نسبة إلى الطّبع بمعنى العقل ، إذ هو المراعى للمناسبات والتّرتيب الطّبيعيّ هو أن يكون المتأخّر متوقّفا على المتقدّم من غير أن يكون المتقدّم علّة له ، كتقدّم المفرد على المركّب ، والواحد على الاثنين ، ووجه كون ما ذكرناه مقتضى التّرتيب الطّبيعي أنّ مقتضى الطّبع أي العقل المراعى للمناسبة أنّ الشّخص إذا سمع لفظا ولم يعرف مفهومه الّذي وضع له يطلب به مفهوما على وجه الإجمال ، ثمّ إذا وقف على مفهومه الإجماليّ يطلب