حيث لم يقل : همم له (١) [أو التّفاؤل (٢)] نحو : سعدت بفرّة وجهك الأيام. (٣)
______________________________________________________
والشّاهد : في قوله : «له همم» حيث قدّم فيه الظّرف ، أعني «له» ليعلم من أوّل الأمر أنّه خبر لا نعت ، فإنّه لو أخّر الظّرف بأن يقول : همم له ، لتوهّم أنّ الظّرف نعت للهمم ، بل احتمال كونه نعتا في خصوص المقام أرجح ، لأنّ النّكرة إذا وقع مبتدأ يستدعي مخصّصا يخصّصه حتّى يفيد ، وإلّا فلا يجوز الابتداء به.
فحاصل الكلام أنّه لم يقل : همم له ، بتأخير الظّرف لئلّا يتوهّم أنّ الظّرف صفة لهمم ، وقوله : «لا منتهى لكبارها» خبر لها ، أو صفة ثانية لها والخبر محذوف ، وكلاهما فاسد ، لأنّه خلاف المقصود ، لأنّ المقصود إثبات الهمم الموصوفة ، بأنّه لا منتهى لكبارها له صلىاللهعليهوآلهوسلم لا إثبات تلك الصّفة لهممه ، ولا إثبات صفة أخرى لهممه غير تلك الصّفة المذكورة ، لأنّه حينئذ يكون الكلام مسوقا لمدح هممه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا لمدحه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقدّم الظّرف دفعا للتّوهّمين من أوّل الأمر.
(١) لئلّا يتوهّم أنّ الظّرف نعت ، بل يتعيّن أنّه خبر من أوّل الأمر.
(٢) عطف على قوله : «لتخصيصه» وهو سماع المخاطب من أوّل الأمر ما يسّره.
(٣) البيت هكذا :
وتزيّنت ببقائك الأعوام |
|
سعدت بغرّة وجهك الأيام |
المعنى : «سعدت» ماض من (سعد يومنا سعدا) ، أي أيمن ، «الغرّة» هو البياض في جبهة الفرس ، وأراد به هنا الحسن أو الجود ، «تزيّنت» ماض من التّزيين ، «الأعوام» جمع عام بمعنى الحول.
والشّاهد : في تقديم المسند أعني قوله : «سعدت وتزينت» حيث قدّم لأجل التّفاؤل.
ثمّ إنّه ربّما يقال : في المقام إنّ هذا المسند فعل يجب تقديمه على فاعله ، فلا وجه لجعل تقديمه عليه للتّفاؤل ، إذ لا يقال للمسند قدّم لغرض كذا ، إلّا إذا كان جائز التّأخير عن المسند إليه.
وأجيب عن ذلك بأنّ التّمثيل مبنيّ على مذهب الكوفيين المجوّزين لتقديم الفاعل على الفعل ، أو يقال : إنّ الفعل هنا يجوز تأخيره في تركيب آخر ، بأن يقال : الأيام سعدت بغرّة وجهك ، فتقديم سعدت في هذا التّركيب المؤدي إلى كون المسند إليه فاعلا مع صحّة