وأمّا المنطقيّون (١) فقد جعلوا إن ولو أداة للّزوم (٢) ، وإنّما يستعملونها (٣) في القياسات (٤)
______________________________________________________
دولتهم إلى هذا الزمان لكانوا رعايا للممدوح بهذا الشّعر ، لاستحقاقه الإمارة عليهم ، لما فيه من الفضائل ، فنفي دوام الدّولات الماضية سبب لعدم كونهم رعايا كغيرهم للممدوح ، لأنّهم لا يعيشون معه إلّا رعايا ، ومعلوم أنّ بانقراضهم انتفى كونهم رعايا له في الخارج.
والشاهد فيه : أنّ كلمة لو فيه قد استعملت لإفادة أن انتفاء كونهم رعايا للممدوح في الخارج بسبب انتفاء دوام الدّولات في الخارج ، بقرينة أنّه استثني نقيض المقدّم فيه ، فليس الغرض الاستدلال ، إذ لو كان الغرض الاستدلال ، بأن كانت كلمة لو مستعملة لإفادة أنّ انتفاء دوام الدّولات سبب للعلم بانتفاء كونهم رعايا ، لما صحّ استثناء نقيض المقدّم ، إذ رفع المقدّم لا ينتج رفع التّالي ، كما قرّر في المنطق ، فعلم أنّ غرض الشّاعر من الاستثناء ليس الإنتاج ، بمعنى ترتيب الأمر المعلوم لتحصيل الأمر المجهول ، أي الاستدلال بامتناع الأوّل على امتناع الثّاني ، بل تكون كلمة لو بمعنى إفادة انتفاء الثّاني في الخارج بسبب انتفاء الأوّل ، إذ ليس هنا معنى آخر كان صالحا لأن يراد هذا تمام الكلام في معنى لو ، حسب قاعدة أهل العربيّة واللّغة ، وأما قاعدة أرباب المعقول ، أعني المنطقيّين فقد أشار إليها بقوله : «وأمّا المنطقيّون ...».
(١) هذا مقابل لمحذوف ، أي هذا الّذي ذكرناه من أنّ كلمة لو للدّلالة على أنّ انتفاء الثّاني في الخارج بسبب انتفاء الأوّل ، قاعدة أهل اللّغة ، وأمّا المنطقيّون فقد جعلوها أداة اللّزوم دالّة على لزوم الجزاء للشّرط ، أي ليستفاد من نفي التّالي نفي المقدّم ، ومن وضع المقدّم وضع التّالي ، وقد جعلوا استعمال أداة الشّرط في التّعليق واللّزوم ، لهذا الغرض اصطلاحا ، وأخذوه مذهبا.
(٢) أي أداة وآلة للدّلالة على لزوم التّالي للمقدّم.
(٣) أي أداة اللّزوم ، سواء كانت إن أو لو أو غيرهما ، كإذا وكلّما.
(٤) القياسات جمع القياس ، وهو قول مؤلّف من أقوال ، متى سلّمت لزم عنها قول آخر ، ثمّ قوله : «القياسات» إشارة إلى أنّ المراد بالعلم هو العلم التّصديقيّ لا التّصوريّ.