بأنّ التّقييد بالشّرط يدلّ على نفي الحكم عند انتفائه ، إنّما يقولون به إذا لم يظهر للشّرط فائدة أخرى (١) ، ويجوز أن تكون فائدته (٢) في الآية المبالغة في النّهي عن الإكراه ، يعني (٣) أنّهن إذا أردن العفّة فالمولى أحقّ بإرادتها ، وأيضا (٤) دلالة الشّرط على انتفاء الحكم إنّما هو بحسب الظّاهر ، والإجماع القاطع على حرمة الإكراه مطلقا ، قد عارضه (٥) ، والظّاهر يدفع بالقاطع.
______________________________________________________
(١) أي سوى مفهوم المخالفة.
(٢) أي فائدة الشّرط ، وهي المبالغة في النّهي عن الإكراه كما عرفت.
(٣) بيان وتوضيح ، لكون فائدة ذكر الشّرط في الآية ، هي المبالغة في النّهي عن الإكراه.
(٤) هذا هو الوجه الثّاني ، وحاصله أنّا وإن سلّمنا دلالة الجملة الشّرطيّة على المفهوم إلّا أنّ الإجماع القاطع على حرمة الإكراه مطلقا يكون معارضا ، وحيث إنّه قطعيّ يقدّم عليها لأنّ دلالتها عليه بالظّهور ، ولا ريب أنّ الدّليل القطعيّ يقدّم على الظّاهر الظّنّي عند التّعارض.
(٥) أي فقد عارض الإجماع مفهوم الشّرط فضمير الفاعل في قوله : «عارضه» يعود إلى الإجماع ، وضمير المفعول عائد إلى مفهوم الشّرط.
الوجه الثّالث : إنّ القضيّة الشّرطيّة قد تكون لبيان تحقّق الموضوع ، كما في قولك : إن رزقت ولدا فاختنه ، وإذا ركب الأمير فخذ ركابه ، فلا مفهوم لها حينئذ لأنّ المفهوم هي القضيّة السّالبة بانتفاء المحمول ، والشّرطيّة التّي لبيان الموضوع هي تنقلب إلى السّالبة بانتفاء الموضوع مع انتفاء الشّرط.
والقضيّة في المقام من هذا القبيل أعني لبيان تحقّق الموضوع ، إذ الإكراه إنّما هو عند إرادتهنّ التّحصّن ، ولا يأتي الإكراه عند انتفاء إرادتهنّ التّحصّن ، لأنّهنّ إذا أردن عدم التّحصّن كان أمرهنّ بالزّنا موافقا لغرضهنّ ، والطّالب للشّيء لا يتصوّر إكراهه عليه ، لأنّ الإكراه إنّما للممتنع ، فإذا لا يمكن أن يكون التّعليق بالشّرط ناطقا بانتفاء حرمة الإكراه ، وتبديله بجوازه عند انتفاء الإرادة ، إذ عندئذ ينتفي الإكراه أيضا ، فلا مجال للزوم جواز الإكراه عند انتفاء حرمته ، وهنا وجوه أخر تركناها رعاية للاختصار.