السلام.
وقول القطاميّ :
قفي قبل التفرق يا ضُبَاعا |
ولايك موقف منك الوداعا |
أراد : ولا يكفي منك موقف الوداع ، ولكن ليكن موقفَ غبطة وإقامة ؛ لأن موقف الوداع يكون للفراق ، ويكون منغصاً بما يتلوه من تباريح الشوق.
وودَّعت فلاناً أي هجرته. قال : والداعة من خفض العيش ، والدَّعَة من وقار الرجُل الوديع ، ودُع يُوَدُع دَعَة ووداعة. وأنشد شمر قول عُبَيد الراعي :
ثناء تَشرق الأحساب منه |
به نتودّع الحسب المصونا |
أي نقيه ونصونه.
عمرو عن أبيه : الوَدِيع : المقبرة ، ويقال وَدَع الرجلُ يَدَع إذا صار إلى الدعة والسكون ومنه قول سُوَيد بن كُراع :
أرَّق العينَ خيال لم يَدَعْ |
لسليمى ففؤادي منتزَع |
أي لم يبق ولم يقرّ.
وأخبرني المنذريّ عن أحمد بن يحيى أنه أنشده قول الفرزدق :
وَعَضَّ زمان يا ابن مروان لم يَدَع |
من المال إلا مُسْحَتٌ أو مجلَّف |
وقال في قوله : لم يدَع : لم يتقارّ ولم يتّدع.
وقال الزجاج : معنى لم يدع من المال أي لم يستقر وأنشده سلمة عن الفراء : لم يدع من المال إلّا مسحتاً أو مجلف أي لم يترك من المال إلا شيئاً مستأصلاً هالكاً أو مجلّف كذلك. ونحو ذلك رواه الكسائي وفسّره. فقال : وهو كقولك : ضربت زيداً وعمرو تريد : وعمرو مضروب كذلك ، فلمّا لم يظهر الفعل رفع.
وقال شمر : أنشدني أبو عدنان :
في الكفّ مني مَجلات أربعُ |
مبتذلات ما لهن ميدعُ |
قال : «ما لهن ميدع» أي ما لهن من يكفيهن العمل ، فيدعهنّ أي يصونهنّ عن العمل.
أبو عبيد عن الكسائي : أودعت فلاناً مالاً إذا دفعته إليه يكون وديعة عنده. وأودعته : قبلت وديعته جاء به في باب الأضداد.
وقال أبو حاتم : لا أَعرف أَودعته ؛ قبِلت وديعته ، وأنكره شمر ، إلا أَنه حكى عن بعضهم : استودعني فلان بعيراً فأبيت أن أودَعَهُ أي أقبله.
قلت : قال ابن شميل في كتاب «المنطق». قلت : والكسائيّ لا يحكي عن العرب شيئاً إلّا وقد ضبطه وحفظه. ويقال : أودعت الرجل مالاً واستودعته مالاً. وأنشد :
يا ابن أبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ |
أودعتك الله الذي هُو حسبيه |
وأنشد ابن الأعرابي :
حتى إذا ضرب القسوسُ عصاهُم |
ودنا من المتنسكين ركوع |
|
أودعتنا أشياء واستودعتنا |
أشياء ليس يُضعيعهِن مضيع |