(لِما قالُوا) لتحليل ما حرَّموا ، فقد عادوا فيه.
وروى الزجاج عن الأخفش أنه جعل (لِما قالُوا) من صلة (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) فالمعنى عنده : والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا. قال : وهذا مذهب حسن.
وقال الشافعي في قوله : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) يقول : إذا ظاهر منها فهو تحريم ، كان أهل الجاهلية يفعلونه ، وحُرّم على المسلمين تحريمُ النساء بهذا اللفظ. فإن اتبع المظاهر الظهار طلاقاً فهو تحريم أهل الإسلام ، وسقطت عنه الكفَّارة. وإن لم يُتبع الظهار طلاقاً فقد عاد لما حَرَّم ولزمته الكفّارة عقوبة لما قال. قال : وكان تحريمه إيّاها بالظهار قولاً ، فإذا لم يطلِّقها فقد عاد لما قال من التحريم.
وقال بعضهم : معناه : و (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) أي كانوا يظاهرون قبل نزول الآية (ثُمَ يَعُودُونَ) للظهار في الإسلام فعليه الكفارة ، فأوجب عليه الكفّارة بالظهار.
وقال بعضهم : إذا أراد العود إليها والإقامة عليها مَسّ أو لم يمسّ كفّر.
وقال الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) [القَصَص : ٨٥].
قال الحسن : معاده الآخرة. وقال مجاهد : يُحييه يوم البعث. وقال ابن عباس : (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) إلى مَعدِنك من الجنّة. وقال بعضهم : (إِلى مَعادٍ) إلى مكة. وقال الفراء : (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) حيث وُلدت. قال : وذكروا أن جبريل قال : يا محمد أَشْتَقْتَ إلى مولدك ووطنك؟ قال : نعم. فقال : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ). قال والمَعَاد ههنا : إلى عادتك حيث ولدت وليس من العود. وقد يكون أن تجعل قوله : (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) لمُصَيِّرُكَ إلى أن تعود إلى مكة مفتوحة لك فيكون المعاد تعجباً إلى معاد أَيَّما معاد لما وعده من فتح مكّة.
وقال الليث : المَعَادة والمَعَاد كقولك لآل فلان معادة أي مصيبة يغشاهم الناس في مناوح أو غيرها يتكلم بها النساء. يقال : خرجت إلى المعادة والمعاود : المآتم. والمعاد. كل شيء إليه المصير. قال : والآخرة قال : والآخرة مَعَاد للناس. وأكثر التفسير في قوله (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) لباعثك ، وعلى هذا كلام الناس : اذكر المعاد أي اذكر مبعثك في الآخرة قاله الزجاج.
وقال ثعلب : المعاد : الموعد. قال : وقال بعضهم : إلى أصلك من بني هاشم. وقالت طائفة ـ وعليه العمل ـ معاد أي إلى الجنة.
ومن صفات الله سبحانه وتعالى : المبدىء المعيد : بدأ الله الخلق أحياء ثم يميتهم ثم يحييهم كما كانوا. قال الله جلّ وعزّ : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَ يُعِيدُهُ) [الرُّوم : ٢٧]. وقال : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) [البروج : ١٣] بدأ وأبدأ بمعنى واحد.