بالاحتياط ، فإن كان فيها كلأ لم يضرك ما صنعت ، وإن لم يكن فيها شيء كنت قد أخَذت بالثقة ، فأَراد ابن عمر بقوله هذا اجتنب الذنوب ولا تركبها اتّكالاً على الإسلام ، وخذ في ذلك بالثقة والاحتياط. يقال عشّيت الإبل إذا رعيتها بعد غروب الشمس إلى ثلث الليل ، وعشيتها أيضاً إذا رعيتها بعد الزوال إلى غروب الشمس ، وعشّيت الرجل إذا أطعمته العشاء ، وهو الطعام الذي يؤكل بعد العِشاء ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا قُرِّب العَشَاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعَشَاء ، فالعَشَاء : الطعام وقت العِشاء».
وقال ابن السكيت : إذا قيل لك تَعشَ قلت : ما بي تَعشِ يا هذا. ولا تقل : ما بي عَشاء ، قال : ورجل عَشْيان وهو من ذوات الواو لأنه يقال عَشَيْتُه وعَشَوْتُه فأنا أعشوه أي عشَّيته ، وقد عَشِي يَعْشَى إذا تَعَشَّى ، فهو عاش.
وقال أبو حاتم : يقال من الغَدَاء والعشاء : رجل غَدْيان وعَشْيان ، قال : والأصل غدوان وعشوان ؛ لأن أصلهما الواو ، ولكن الواو تقلب إلى الياء كثيراً ؛ لأن الياء أخفّ من الواو.
أبو عبيد عن أبي زيد : ضَحَيْتُ عن الشيء وعَشَيْتُ عنه معناهما : رَفَقْت به. وصلاة العِشَاء ، هي التي بعد صلاة المغرب ، ووقتها حين يغيب الشفق ، وهو قول الله جلّ وعزّ : (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) [النُّور : ٥٨]. وأمّا العَشِيُ فإن المنذري أخبرني عن أبي الهيثم أنه قال : إذا زالت الشمس دُعي ذلك الوقت العشيّ ، فتحول الظل شرقياً وتحولت الشمس غريبة.
قلت : وصلاتا العشِيّ هما الظهر والعصر ، وحدَّثنا السعديّ عن عمر بن شَبَّة عن عبد الوهاب عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إحدى صلاتي العشيّ ، وأكبر ظني أنها الظهر ، ثم ذكر الحديث. قلت : ويقع العِشِيّ على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها ، كل ذلك عِشيّ ، فإذا غابت الشمس فهو العِشاء.
وقال الليث : العَشِيّ بغير هاء : آخرُ النهار. فإذا قلت : عشيّة فهو ليوم واحد ، يقال لقيته عشية يوم كذا وكذا ، ولقيته عشيَّة من العشيَّات. قال أبو عبيد : يقال لصلاتي المغرب والعشاء العشاءان ، والأصل العِشاء فغُلّب على المغرب ، كما قالوا : الأبوان وهما الأب والأم. ومثله كثير. قال النضر : العِشاء : حين يصلي الناس لعتمة وأنشد :
ومجوّل مَلَث العشاء دعَوتُه |
والليل منتشر السقيط بهيم |
قال : وإذا صغّروا العشيّ قالوا : عُشَيْشيَان ، وذلك عند شفًى وهو آخر ساعة من النهار. قال : ويجوز في تصغير عشِيَّة عُشَيَّة وعُشَيشية.
قلت : كلام العرب في تصغير عشية : عُشَيشية ، جاء نادراً على غير قياس. ولم أسمع عُشَيَّة في تصغير عشِيّة ، وذلك أن عُشية تصغير العَشْوة وهي أوَّل ظلمة الليل ، فأرادوا أن يفرقوا بين تصغير