قال : وقوله جلّ وعزّ : (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ) [طه : ١٠٨] أي يتبعون صوت الداعي للحشر لا عوج له يقول : لا عِوَجَ للمدعوّين عن الداعي ، فجاز أن يقول «لَهُ» لأن المذهب إلى الداعي وصوته. وهو كما تقول دعوتني دعوة لا عِوَج لك عنها أي لا أعُوج لك ولا عنك. قال : وكل قائم يكون العوج فيه خلقة فهو عَوَجٌ. وأنشد ابن الأعرابي في مثله :
* في نابه عَوَجٌ يخالف شِدْقه*
قال والحائط والرُّمْحُ وكل ما كان قائماً يقال فيه : العَوَج. ويقال : شجرتك فيها عَوَج شديد.
قلت : وهذا لا يجوز فيه وفي أمثاله إلَّا العَوَجُ.
وقال الأصمعيّ : يقال هذا شيء معوجٌ وقد اعوجّ اعوجاجاً على افعلّ افعلالاً.
ولا تقول معوَّج على مفعَّل إلا لعُود أو شيء رُكِّب فيه : العاج.
قلت : وغيره يجيز عوّجت الشيء تعويجاً إذا حنيته ، وهو ضد قوّمته. فأمّا ما انحنى من ذاته فيقال : اعوجّ اعوجاجاً ، ويقال عُجْته فانعاج أي عطفته فانعطف ، ومنه قول رؤبة :
* وانعاج عُودي كالشظيف الأخشن*
ويقال عَوِجَ الشيء يَعْوَجُ عَوَجاً فهو أعوج لكلّ ما يُرَى ، والأنثى عوجاء ، والجماعة عُوج ، ويقال لقوائم الدابة : عَوج ، ويستجبّ ذلك فيها. يقال : نخيل عُوج إذا مالت.
وقال لبيد يصف عَيْر وأُتُنَهُ وسَوقه إيّاها :
إذا اجتمعت وأَحوذ جانبيها |
وأوردها على عُوج طِوال |
فقال بعضهم : معناه : أوردها على نخل نابتة على الماء قد مالت ، فاعوجَّت لكثرة حَمْلها ؛ كما قال في صفة النخل :
* غُلبٌ سواجد لم يدخل بها الحصر*
وقيل معنى قوله : أوردها على عُوج طوال أي على قوائمها العُوج ، ولذلك قيل للخيل : عُوج ، ويقال ناقة عوجاء إذا عَجِفت فاعوجَ ظهرها ؛ وامرأة عوجاء إذا كان لها ولد تَعُوج إليه لترضعه ، ومنه قول الشاعر :
إذا المُرْغِث العوجاء بات يَعُزُّها |
على ثديها ذو وَدْعتين لَهُوج |
والخيل الأعوجيّة منسوبة إلى فحل كان يقال له : أعوج ، يقال : هذا الحِصَان من بنات أعوج.
وقال الليث : العاج : أنياب الفِيَلة ، قال ولا يسمى غير الناب عاجاً.
وقال شمر : يقال للمَسكِ : عاج. قال وأنشدني ابن الأعرابي :
وفي العاج الحِنّاء كفٌّ بنانُها |
كشحم النَقَا لم يعطها الزند قادح |
أراد بشحم النقا دوابَّ يقال لها : الحُلَك.
ويقال لها : بنات النقا يشبَّه بها بنان الجواري للينها ونَعْمتها.
قلت : والدليل على صحة ما قال شمر في العاج أنه المَسكُ ما جاء في حديث مرفوع أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لثَوبان : «اشتر