وممّا يعود إلى الصّرف ، لزوال إحدى (١) العلّتين : ما صغّر من نحو «حميد ، وعمير» ، و «سميع ، وبريه» ، تصغير «إسماعيل ، وإبراهيم» لزوال وزن الفعل في الأوّل ، ولفظ العدل في الثّاني ، وزوال اللّفظ الأعجميّ في الأخيرين (٢).
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وما يكون منه منقوصا ففي |
|
إعرابه نهج جوار يقتفي |
إذا كان الممتنع صرفه للعلميّة وعلّة أخرى منقوصا ، كـ «القاضي» إذا سمّيت به امرأة ، فإنّك تعربه إعراب «جوار» بأن تحذف ياؤه رفعا وجرّا ، معوّضا عنها بالتّنوين ، فتقول : «هذه قاض ، ومررت بقاض» ، وتثبت في النّصب محرّكة (٣) بالفتح (٤) ، نحو «رأيت قاضي الجميلة». هذا مذهب سيبويه والأكثرين (٥).
وعند الكسائيّ ، ويونس (٦) : أنّ الياء تقرّ (٧) ساكنة في الرّفع ، وتحرّك بالفتحة في الجرّ والنّصب ، تمسّكا بقوله :
٢٣٧ ـ قد عجبت منّي ومن يعيليا |
|
لمّا رأتني خلقا مقلوليا |
__________________
(١) في الأصل : أحد. فقد قال قبل : «لزوال إحدى العلتين».
(٢) في الأصل : الآخرين.
(٣) في الأصل : النصب محركة. مكرر.
(٤) في الأصل : في في الفتح.
(٥) منهم الزمخشري وابن الحاجب ، وهو مذهب الخليل. انظر الكتاب : ٣ / ٥٧ ، شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٠٦ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٧٠ ، المفصل : ١٧ ، شرح ابن يعيش : ١ / ٥٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٧٣ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ١٤٠.
(٦) وأبي زيد وعيسى والرماني أيضا ، ونسب في الإيضاح لسيبويه. قال ابن مالك : ومذهب الخليل هو الصحيح لأن نظائر «جوار» من الصحيح ـ لا ينون في تعريف ولا تنكير وقد نون ، ونظائر «قاض» ـ اسم امرأة ـ لا ينون في تعريف ، وينون في تنكير ، فتنوينه أولى من تنوين «جوار». انتهى.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٣ / ١٥٠٦ ـ ١٥٠٧ ، تاج علوم الأدب : ١ / ٧٠ ، شرح الرضي : ١ / ٥٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٧٣ ، الإيضاح لابن الحاجب : ١ / ١٤٠.
(٧) في الأصل : تقرأ.
٢٣٧ ـ من الرجز للفرزدق ، وليس في ديوانه. يعيليا : مصغر «يعلى» اسم رجل. خلقا : ـ بفتح الخاء واللام ـ يقال : ثوب خلق إذا كان عتيقا جدا ، وأراد : رثاثة الهيئة ودمامة الخلقة.
مقلوليا : من «اقلولى» إذا ارتفع ، و «المقلولي» المتجافي المنكمش ، وأصله : «ومقلوليا» ، فحذف العاطف للضرورة. والشاهد في قوله : «يعيليا» حيث استدل به يونس والكسائي فيما ذهبا إليه من أن الفتحة تظهر على الياء في حالة الجر في الممنوع من الصرف ، كما تظهر في حالة النصب ، وهو عند غيرهما ضرورة.