الباب السادس والخمسون
أما ، ولولا ، ولوما
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
أمّا ، ولولا ، ولوما
أمّا كمهما يك من شيء وفا |
|
لتلو تلوها وجوبا ألفا |
وحذف ذي الفا شذّ (١) في نثر إذا |
|
لم يك قول (٢) معها قد نبذا |
هذه الحروف الثّلاثة تقتضي ملازمة بين جملتين ، كأدوات الشّرط / ، فلذلك عقّبت بها ، إلا أنّ «أمّا» المفتوحة (٣) أدخل في معنى الشّرط من أختيها ، وتقتضي التّفصيل غالبا ، بأن يعطف عليها مثلها ، نحو : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) [الضحى : ٩ ، ١٠] ، ونحوه كثير.
وقد تكون لمجرّد التّوكيد الخالي عن التّفصيل ، كقولك : «أمّا زيد فمنطلق».
قال الزّمخشريّ : «أمّا» يعطي الكلام فضل توكيد ، تقول : «زيد ذاهب» ، فإذا قصدت أنّه لا محالة ذاهب ، قلت : «أمّا زيد فذاهب» (٤).
__________________
(١) وفي الألفية (١٥٣): «قل». وعلى رواية : «شذ» شرح ابن طولون.
(٢) في الأصل : قولا. انظر الألفية : ١٥٣.
(٣) والأصح في «أما» أنها حرف بسيط. وقيل : مركب من «أم» و «ما». وذهب ثعلب إلى أنها جزاء ، وهي «إن» الشرطية و «ما» ، حذف فعل الشرط بعدها ، ففتحت همزتها مع حذف الفعل ، وكسرت مع ذكره.
انظر الهمع : ٤ / ٣٥٤ ، شرح الأشموني : ٤ / ٤٤ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٩٧ ، الجنى الداني : ٥٢٣ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٥٦٨.
(٤) قال الزمخشري في الكشاف (١ / ٥٧ ـ دار المعرفة) : و «أما» حرف فيه معنى الشرط ، ولذلك يجاب بالفاء ، وفائدته في الكلام أن يعطيه فضل توكيد ، تقول : زيد ذاهب ، فإذا قصدت توكيد ذاك ، وأنه لا محالة ذاهب ، وأنه بصدد الذهاب ، وأنه منه عزيمة ، قلت : أما زيد فذاهب ، ولذلك قال سيبويه في تفسيره : مهما يكن من شيء فزيد ذاهب ، وهذا التفسير مدل لفائدتين : بيان كونه توكيدا ، وأنه في معنى الشرط. انتهى.
وانظر مغني اللبيب : ٨٢ ، أوضح المسالك : ٢٤٢ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٦١ ، شرح الأشموني : ٤ / ٤٦ ، الهمع : ٤ / ٣٥٧ ، وانظر الكتاب : ٢ / ٣١٢.