ولعلّ حكمته كونها نحوا من الموادّة الممقوتة ، لكنّ الإمام عليهالسلام كره أن يكلّفهم بالمنع إرفاقا بهم وتوسعة عليهم.
فمراده بقوله عليهالسلام : «أن أحرّم عليكم» إمّا مطلق المنع لا التحريم المصطلح.
أو التحريم الحقيقي ، لكن بلحاظ تعلّق أمر الإمام عليهالسلام بتركه ، كما لو أمر الوالد ولده بترك بعض الأشياء المحلّلة لغرض صحيح ، وقد صرّح غير واحد بوجوب إطاعة الإمام عليهالسلام في كلّ ما يأمر به وينهى عنه وإن لم يكن متعلّقه واجبا أو حراما شرعيّا بالذات ، فلا مقتضي لصرف الرواية عن ظاهرها ولو بناء على نجاسة المجوسيّ ، إذ لا مقتضي لحملها على إرادة خصوص المائعات التي تنفعل بملاقاة النجس ، فالمقصود بها بيان حكم المؤاكلة من حيث هي ، محرّمة كانت أو مكروهة.
وكيف كان فلا شهادة في هذه الرواية على كون الحكم بطهارة الكتابي في سائر الأخبار لأجل التقيّة.
وأضعف من ذلك الاستشهاد له برواية (١) زكريّا بن إبراهيم ، فإنّهم إن أكلوا لحم الخنزير يكون اللّحم أيضا من جملة طعامهم ، وربما يمزجونه في سائر أطعمتهم ، ولذا استفصل عنه الإمام عليهالسلام عند إرادة بيان حكم طعامهم ، وأمّا الخمر فهو شراب مستقلّ لا يكون مانعا من حلّ طعامهم.
ألا ترى أنّه يصحّ أن نقول : يحلّ طعام شارب الخمر ، ولا يصحّ أن نقول : يحلّ طعام من يأكل لحم الخنزير إلّا بعد التقييد بخلوّ طعامه عنه ، فلعلّ الإمام عليهالسلام استفصل عنه لإرادة تقييد الرخصة بصورة العلم بخلوّ طعامهم عنه أو عدم العلم
__________________
(١) تقدّمت الرواية في ص ٢٤٨.