التمسّك بإطلاقها للمدّعى.
وعن الأخبار الدالّة على الطهارة ، الغير القابلة للحمل على صورة عدم العلم وغيره من المحامل : بأنّها جارية مجرى التقيّة ، لموافقتها لمذهب العامّة.
واستشهد لذلك ببعض تلك الرويات.
مثل : رواية (١) زكريّا بن إبراهيم ، التي يظهر منها الفرق بين الخمر ولحم الخنزير ، فلو لا صدورها تقيّة ، لم يكن وجه لذلك.
وأوضح من ذلك رواية الكاهلي ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوم مسلمين يأكلون ، فحضرهم رجل مجوسيّ أيدعونه إلى الطعام؟ فقال : «أمّا أنا فلا أؤاكل المجوسيّ ، وأكره أن أحرّم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم» (٢) فإنّ الظاهر من الرواية أنّ مؤاكلة المجوسي محرّمة من الله سبحانه ، لكنّي لا أحرّم من جهة شيوع ذلك في بلادكم ، فإنّها لو لا التقيّة ، لم يكن شيوع الارتكاب علّة لكراهة التحريم ، ولو لم يكن الحكم من الله التحريم ، لم يكن وجه لتعليل كراهة التحريم بشيوع الارتكاب في تلك البلاد.
ولا يخفى ما في هذا التقريب ، فإنّ التقيّة ليست مقتضية لأن يكره الإمام عليهالسلام تحريم ما حرّمه الله تعالى ، فالظاهر أنّ مؤاكلة المجوسيّ من حيث هي ـ ولو بالنسبة إلى الخبز وغيره من الأطعمة الجامدة على ما يقتضيه إطلاق أدلّتها ـ من الأمور المكروهة التي يمقتها الله وأولياؤه عليهمالسلام.
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدرها في ص ٢٤٩ ، الهامش (١).
(٢) الكافي ٦ : ٢٦٣ / ٤ ، الوسائل ، الباب ٥٣ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ٢.