واحتمال كون الأمر بالغسل في الروايتين (١) ، وكذا النهي عن سؤرهم في الرواية الأولى (٢) ناشئا من نجاستهم العرضيّة ، فإنّ الغالب نجاسة ظاهر بدنهم ، لأنّهم لا يغتسلون ولا يتطهّرون ، مدفوع : بأنّ الغلبة لا توجب القطع بالنجاسة في خصوصيّات الموارد حتّى يجب الاجتناب عنهم مطلقا ، كما يقتضيه ظاهر الروايات ، مع أنّ مقتضى ظاهرها سببيّة نفس العنوان المذكور فيها للحكم ، فليتأمّل.
لكن ربما يؤيّد إرادة الاستحباب التفكيك بين المصافحة من وراء الثوب وبدونه ، كما في رواية (٣) أبي بصير ، فإنّ ظاهرها نفي البأس عن المصافحة من وراء الثياب ، مع أنّه لو كانت المصافحة برطوبة مسرية ، وجب غسل الثوب الملاقي لليهوديّ أو النصرانيّ ، بناء على نجاستهما ، وإلّا لم يجب غسل اليد أيضا لو لم تكن من وراء الثياب.
ويؤيّده أيضا رواية القلانسي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ألقى الذمّي فيصافحني ، قال : «امسحها بالتراب أو بالحائط» قلت : فالناصب ، قال : «اغسلها» (٤) فإنّ مقتضى الاجتزاء بمسح اليد عدم نجاستها.
وحملها على عدم الرطوبة فيكون المسح مستحبّا تعبّدا ينافيه الأمر بغسلها في الفقرة الأخيرة ، فإنّ سوق الرواية يشهد باتّحاد المراد بالفقرتين.
__________________
(١) أي روايتا محمّد بن مسلم وأبي بصير ، المتقدّمتان في ص ٢٤٠.
(٢) أي موثّقة سعيد الأعرج ، المتقدّمة في ص ٢٤٠.
(٣) المتقدّمة في ص ٢٤٠.
(٤) الكافي ٢ : ٦٥٠ / ١١ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب النجاسات ، ح ٤.