من حيث هو ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وأمّا صحيحته الثانية ـ المشتملة على المنع من الصلاة في ثيابهما والأكل مع المجوس في قصعة واحدة وتمكينه من الجلوس في فراشه ومسجده والمصافحة معه والنهي عن الصلاة في الثوب الذي اشتراه من النصرانيّ إلّا أن يغسله ـ فلا بدّ من تأويلها أو حملها على الاستحباب ، لعدم إمكان العمل بظاهرها على الإطلاق.
نعم ، يمكن ذلك في خصوص المنع من الصلاة في ثيابهما على تقدير نجاستهما ، نظرا إلى غلبة ملاقاتهما لثيابهما مع الرطوبة المسرية ، فيكون إطلاق المنع منزّلا على الغالب ، فعلى هذا يتمّ الاستشهاد بهذه الفقرة للمدّعى.
لكن لقائل أن يقول : كما أنّ الغالب ملاقاتهما لثوبهما برطوبة مسرية ، كذلك الغالب عدم خلوّ ثوبهما وجسدهما الملاقي للثوب مع الرطوبة عن النجاسة العرضيّة ، فلا ينحصر وجه المنع بكون الثوب ملاقيا لجسدهما من حيث هو حتّى يتمّ به الاستدلال.
وأمّا روايته الثالثة : فلا يبعد أن يكون ما فيها من المنع من الأشياء المذكورة في السؤال بلحاظ كونها نحوا من الموادّة المنهيّ (١) عنها ، وإلّا فمجرّد نجاستهم لا تقتضي إلّا المنع من بعض تلك الأشياء في الجملة لا مطلقا.
والحاصل : أنّه لا يمكن استفادة نجاسة أهل الكتاب من الأحكام المذكورة في هذه الروايات ، لعدم الملازمة بينها وبين النجاسة لا عقلا ولا عرفا ولا شرعا.
__________________
(١) المجادلة ٥٨ : ٢٢.