كيف! ولو كان هذا هو العلّة للمنع ، لكان الأنسب المنع من أكل كلّ ما باشروه برطوبة مسرية ، لا خصوص طعامهم الذي يطبخونه.
وبهذا ظهر لك قصور سائر الأخبار الناهية عن أكل طعامهم عن إثبات المدّعى.
ولعلّ ما أشرنا إليه هو الوجه لما في الأخبار (١) المستفيضة الواردة في تفسير قوله تعالى (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) (٢) من تخصيصه بالحبوب ، بل في بعض (٣) تلك الأخبار إشعار بذلك.
وأمّا صحيحة عليّ بن جعفر عليهالسلام ، الاولى : فمفادها جواز الوضوء بالماء الذي يدخل اليهوديّ والنصرانيّ يده فيه لدى الضرورة ، وهو ينافي نجاسته ، كما أشرنا إليه.
وما عن الشيخ ـ من حمل الاضطرار على التقيّة (٤) ـ بعيد ، فإنّ ظاهرها الاضطرار إلى الوضوء منه بانحصار الماء فيه ، لا الاضطرار إلى أن يتوضّأ بالماء النجس لصلاته تقيّة.
وما في صدر هذه الصحيحة ـ من حكم الاغتسال في الحمّام الذي اغتسل فيه النصراني ـ فلا يخلو وجهه عن إجمال لا يكاد يستفاد منها نجاسة النصرانيّ
__________________
(١) منها ما في الكافي ٦ : ٢٦٤ / ٦ ، وتفسير العياشي ١ : ٢٩٦ / ٣٧ ، وعنهما في الوسائل ، الباب ٥١ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ٣ و ٨.
(٢) المائدة ٥ : ٥.
(٣) الكافي ٦ : ٢٤٠ / ١٠ ، و ٢٤١ / ١٧ ، التهذيب ٩ : ٦٤ / ٢٧٠ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب الذبائح ، ح ١ و ٦.
(٤) راجع الهامش (٢) من ص ٢٤١.