ظهرت الخوارج في الساحة الإسلامية بصورة تيار سياسي لايتبنّون إلاّ تطبيق الحكم الشرعي الوارد في الكتاب والسنّة في أمر البغاة(الشاميين) وكان الجميع يحملون شعار« لاحكم إلاّ لله » يريدون بذلك انّ حكم الله في حق البغاة هو القتال ، لاتحكيم الرجال ، ولم يكن لهم يومذاك منهج كلامي ، ولمّا قضى عليّ عليهالسلام نحبه ، ركّز الخوارج جهدهم على مكافحة الحكّام الظالمين كمعاوية وآله ، ومروان بن الحكم وأولاده ، وقد حفظ التاريخ انتفاضاتهم في وجه خلفاء بني اُميّة وعمّالهم كما تعرّفت على لفيف منها.
فلا عجب عندئذ إذا رأينا أنّ خارجياً يقتفي أصحاب الحديث في العقائد ، أو يتبنّى عقيدة المعتزلة في غير مورد من الاُصول وما هذا إلاّ لأنّ القوم في القرنين الأوّلين كانوا مقاتلين ، قبل أن يكونوا أصحاب فكر ، وكانوا ثوّاراً في وجه الحكومات ، قبل أن يكونوا فرقة دينية تتبنّى اُصولا عقائدية ، والامعان في المبدأ الذي اتّخذوه كحجر زاوية (تخطئة التحكيم) أو الاُسس التي تبنّوها في العهد الاموي ، أي بعد استيلاء معاوية على الحكم ، إلى عهد عبد الملك بن مروان ( ت ٧٥ ) إلى آخر الدولة المروانية ( ١٣٢ هـ ) يعرب عن أنّ