جبلة بن مخرمة فحبسهما ، وجمع الخزائن والأموال فأحرزها ثمّ أرسل إلى الضحّاك وإبراهيم فأرسلهما ، وقال لهما : حبستكما خوفاً عليكما من العامة وليس عليكما مكروه فأقيما إن شئتما أو أشخصا ، فخرجا.
فلمّا استولى عبدالله بن يحيى على بلاد اليمن خطب الناس وقال : إنّا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه وإجابة من دعا إليهما. الإسلام ديننا ، ومحمّد نبيّنا ، والكعبة قبلتنا ، والقرآن إمامنا. رضينا بالحلال حلالا لانبغي به بدلا ، ولانشتري به ثمناً قليلا ، وحرّمنا الحرام ونبذناه وراء ظهورنا ، ولاحول ولا قوّة إلاّ بالله وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل ، من زنا فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر ، ومن شرب الخمر ، فهو كافر ، ومن شكّ في أنّه كافر ، فهو كافر ، ندعوكم إلى فرائض بيّنات ، وآيات محكمات ، وآثار مقتدى بها ، ونشهد أنّ الله صادق فيما وعد ، عدل فيما حكم ، وندعوا إلى توحيد الرب واليقين بالوعيد والوعد ، واداء الفرائض ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والولاية لأهل ولاية الله ، والعداوة لأعداء الله. كلّ ذلك كان في سنة ثمان وعشرين ومائة (١).
ثمّ إنّه استولى على مكّة ثم المدينة وذلك في الوقت الذي بدأت ثورة بني العباس في خراسان ، فكانت الدولة المركزية المروانية مشغولة باخماد الثورة ، فانتهز طالب الحق الفرصة وبسط سيطرته على الحجاز كلّه ، ولكن في سنة ثلاثين ومائة جهزّ مروان بن محمّد جيشاً مع عبدالملك بن محمد بن عطية السعدي فلقى الخوارج بوادي القرى فقتل بلج بن عقبة ، وفرّ أبو حمزة في بقيّتهم إلى مكة ، فلحقهم عبدالملك فكانت بينهم وقعة قتل فيها أبو حمزة وأكثر من كان معه من الخوارج ، وصار عبدالملك في جيش مروان من أهل الشام يريد
__________________
١ ـ أبو الفرج الاصبهاني : الأغاني ٢٣ / ٢٢٤ ـ ٢٥٦ ، وقد بسط الكلام في خبر عبدالله بن يحيى وخروجه ومقتله.