مدى صحّة النسبة :
فإن قال : فما قولكم في عثمان بن عفان؟ قلنا له : في منزلة البراءة عند المسلمين.
فإن قال : من أين وجبت البراءة من عثمان بن عفان وقد تقدمت ولايته وصحّت عقدة إمامته مع فضائله المعروفة في الإسلام ، وفي تزويج النبي له عليهالسلام بابنتيه واحدة بعد واحدة؟ قلنا : إن الولاية والبراءة هما فرضان في كتاب الله لا عذر للعباد في جهلهما ، وقد أمرنا الله تبارك وتعالى أن نحكم وندين له في عباده بما يظهر لنا في اُمورهم ولم يكلّفنا علم الغيب. ثم وجدنا أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قدّموا عثمان إماماً لهم بعد عمر بن الخطاب ـ رحمهالله ـ ، ثم قصدوا إليه فقتلوه على ما استحقّ عندهم من الأحداث التي زايل بها الحق وسبيله ، فمن قال إنّ عثمان قتل مظلوماً كان قد أوجب على أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم البراءة بقتلهم لعثمان بن عفان وألزام البراءة من علي بن أبي طالب لأنّه وضعه المسلمون بعد عثمان إماماً لهم.
وعلى الإمام إقامة الحدود ولم يغيّر ذلك علي بن أبي طالب ولم ينكره ولم يقم الحد على من قتل عثمان ، وحارب من طلب بدمه وهو طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام ، ولو لم يكن مستحقاً للقتل وأنّه مظلوم لكان علي قد كفر لقتاله لمن طلب بدم عثمان بن عفّان. فلما قاتل علي والمسلمون من طلب بدم عثمان وصوّبوا من قتله وأقرّهم علي بين يديه وكانوا أعوانه وانصاره ، كان دليلا على أنّهم محقّون في قتله لأنّ إجماعهم على ذلك حجّة لغيرهم ودليل. وأمّا قولك زوّجه النبي بابنتيه واحدة بعد واحدة فإنا لاننكر ذلك ولايكون عثمان مستوجباً للولاية بتزويج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم له بابنتيه. ولو كان عقد النبي له بالنكاح موجباً للرجل المشرك الذي كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم