والإسلام ، فاتّخاذ هذه الأساليب الشريرة ، التي تعرّفت عليها في بعض الانتفاضات ، صار سبباً لخسرانهم وخيبتهم وإن كان بعض الفرق بريئاً منها ، لكن الكلّ أخذ بجرم الجزء ، والجار بذنب الجار.
وقد خلّفت هذه الأعمال الاجرامية آثار سيّئة فصار لفظ « الحرورية » مساوياً لسفك الدم وقطع الطريق ، وكان الناس يتوسّلون للاخافة بهذا اللفظ ويقولون : حروري!! مكان الحرامي!!
وأمّا الثاني : فلأنّ المظاهرة ضدّ عليَّ ، ونصب عدائه واهل بيته ليس بأمرهيّن ، وكيف لا يكون كذلك ، وقد عجنت دماء ونفوس المسلمين بحبّهم فهم كانوا يتلون قول الله سبحانه في الذكر الحكيم : ( قُلْ لا أَسأَلُكُمْ عَلَيْهِ اَجراً إلاّ المَوَدَةَ في القُرْبى ) (١). فهل يمكن لجماعة تتظاهر بكفر عليّ وأولاده ، وتنصب عدائهم ، ان يكون لهم رصيد شعبي؟ كلاّ ، ولا ، فلأجل ذلك خسروا في انتفاضاتهم ، حتى بوجه الطغاة.
تعرب انتفاضاتهم عن أنّ الحكومة الأموية كانت تستخدم شيعة العراق في بعض الأحيان لقتال الخوارج ، فكأنّها كانت تضرب عصفورين بحجر واحد ، فإنّ الطائفتين كانا من أعداء الحكومة الأموية ، فضرب أحدهما بالاُخرى كان متنفّساً لها (٢).
ومع الاعتراف ببراعتهم في النقد والاعتراض ، وتملّكهم القدرة على التنظيم والتخطيط ، لكن كانت انتفاضاتهم المتفرّقة والمبعثرة في الرقعة الإسلامية ، كانت أشبه بالثورات العشوائية ، إذ لم تكن هناك قيادة موحّدة تنبثق منها الثورات ، وتستثمر هذا الجمهور لتحقيق النصر النهائي ، فالحجر الأساس
__________________
١ ـ الشورى : ٢٣.
٢ ـ لا حظ خروج فروة بن نوفل في تاريخ الطبري ٤ / ١٢٦.