وأبعد من ذلك تحليل نشوء الخوارج في ساحة القتال بالعصبية القبلية ، انّها أنجبت حركة الخوارج فصارت عصبيتهم الموجّهة ضدّ قريش وسلطانها المتجسّد في الحكومة العلوية يومذاك ، سبباً لتلك الحركة الهدّامة بشهادة أنّا لانجد في صفوف الخوارج قرشياً واحداً بل على العكس من ذلك فإنّهم كانوا يحملون لواء التمرّد على قيادتها (١).
إنّ تحليل هذه الحركة الكبيرة من بدئها إلى نهايتها بهذا العامل النفسي أشبه بتعليل الهزّة الكبيرة الموجبة لانهدام المدن والقرى ، بسقوط صخرة من أعلى الجبل إلى هّوة سحيقة ، نعم لايمكن انكار العصبية القبلية بين جميع القبائل العربية ، خصوصاً بين قبيلتي تميم وقريش ، ولكنّه ليس بمعنى أنّه الباعث والعامل المحدِث لهذه الضجّة الكبيرة التي شغلت بال المسلمين والخلفاء طوال قرون ، بل العامل لحدوث هذه الحركة هو ما عرفته في المقام وفي الفصل الثالث عند البحث عن نشوء الخوارج.
__________________
١ ـ الدكتور نايف معروف : الخوارج في العصر الاُموي ٢٨.