حين انضمامهم لراية الإمام إلى خروجهم عليه ، ومن نماذج هؤلاء ، حرقوص بن زهير المعروف بذي الثدية ، ومِسْعر بن فدكي ، وزيد بن حصين ، وشريح بن أوفى بن يزيد بن ظاهر العبسي ، ونافع بن الأزرق ، وعبدالله بن وهب الراسبي إلى غير ذلك من رؤوس تلك الطائفة الذين صاروا خوارج من بعد.
وبما أنّ أصحاب هذه الطائفة كانوا يكثرون قراءة القرآن والصّلاة والتهجّد في الليل حتى اسودّت جباههم من السجود ، وأصبحت لهم ثفنات كثفنات البعير ، فكان لكلامهم نفوذ وتأثير كبير في جيش الإمام ، خاصّة اُولئك الذين كانوا من قبائلهم وكتائبهم وهم كثيرون.
والذي يدلّنا على سيادة تلك النزعة فيهم (نزعة الاعتراض على القيادة والمتولّين لشؤون الحكومة) مانقرأه في تاريخ حياتهم وإليك بيانه :
١ ـ ما سمعت من حديث النبي في حقّ رأس الخوارج (ذي الخويصرة) حيث وقف على رسول الله وهو يقسّم غنائم خيبر فقال له : ما عدلت منذ اليوم ، فقال رسول الله : ويحك من يعدل إذا لم أعدل؟! فقال عمر : ألا أقتله يا رسول الله؟ فقال رسول الله : إنّه سيكون لهذا ولأصحابه نبأ ، وقال : تحقر صلاة أحدكم في جنب صلاتهم ، وصوم أحدكم في جنب صيامهم ، ولكن لايجاوز إيمانهم تراقيهم ، وقال سيخرج من ضئضىء هذا الرجل ، قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة (١).
٢ ـ ما رواه الطبري عن محمّد بن راشد عن أبيه في حرب الجمل قال : كان من سيرة عليّ : أن لايقتل مدبراً ولايذفف على جريح ولايكشف ستراً ولايأخذ مالا ، فقال قوم يومئذ : ما يحلّ لنا دماءهم ويحرّم علينا أموالهم؟ فقال
__________________
١ ـ نقله أهل السير ونقله أصحاب الصحاح والمسانيد ، ورواه البخاري أيضاً في صحيحه لاحظ الجزء ٦ تفسير سورة البراءة تفسير قوله سبحانه : والمؤلّفة قلوبهم ص ٦٧.