أن يكون أهلاً لها ، تماماً كشجاعة أمير المؤمنين عليهالسلام الربانية التي صرع بها عمرو ابن ودّ ، وقلع بها باب خيبر ، فلما سئل عنها قال : «بقوة رحمانية لا بقوة جسمانية».
وقد ورث أبو الفضل هذه الصفة الكريمة من أبيه الامام أمير المؤمنين عليهالسلام الذي هو أشجع إنسان في دنيا الوجود (١).
وقد علمه الامام عليهالسلام وأدبه بآدابه وأفاض عليه من ذاته ، ولم يكن العباس عليهالسلام قد ورث الشجاعة وتعلمها من أبيه فحسب ، وإنّما كان بطلاً ضرغاماً له مؤهلاته الجسدية أيضاً حيث كان ذا بسطة في الجسم ، معروفاً بالقوة والبسالة ، فكان شجاعاً ظاهراً وباطناً.
وهكذا هم بنو هاشم كبيرهم وصغيرهم ، فكيف بأبي الفضل العباس الذي كان علماً في البطولات ، لم يخالج قلبه خوف ولا رعب في الحروب التي خاضها مع أبيه ، بل لقن الأعداء درساً جعلهم يعرفون سيفه بين السيوف ، وهو لمّا يزل شاباً ، كما أبدى من الشجاعة يوم الطف ما صار مضرب المثل على امتداد التاريخ ، حيث برز أمام تلك القوى التي ملأت البيداء ، فجبّن الشجعان ، وأرعب قلوب عامة الجيش ، فزلزلت الأرض تحت أقدامهم وخيّم عليهم الموت (٢).
عبست وجوه القوم |
|
والعباس فيهم ضاحك متبسم |
قلب اليمين على الشمال |
|
وغاص في الأوساط يحصد للرؤوس ويحطم |
بطل تورث من أبيه شجاعة |
|
فيها أنوف بني الضلالة ترغم |
__________________
(١) كما ورث هذه الصفة من أخواله الذين تميزوا بهذه الظاهرة وعرفوا بها بين سائر الأحياء العربية (أنظر العباس رائد الكرامة : ٥٥).
(٢) انظر العباس رائد الكرامة : ٥٥.