أولاً
: إمّا لأجل أن يشتدّ حزنه ويعظم صبره ويزرأ
بهم ، ويكون هو المطالب بهم يوم القيامة ؛ إذ لا ولد لهم يطالبون بهم.
ثانياً
: وإمّا لأجل حصول الاطمئنان والثقة من
المفاداة دون الدين أمام سيد الشهداء ، ويشهد له ما ذكره الشيخ المفيد في «الارشاد»
وابن نما في «مثير الأحزان» من قوله لهم : تقدّموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله
فانه لا ولد لكم».
ولم يقصد بهم المخايل وإنّما رام أبو
الفضل أن يتعرف مقدار ولائهم لقتيل العبرة ، وهذا منه عليهالسلام إرفاقاً بهم وحناناً
عليهم وأداء حق الاخوة بارشادهم إلى ما هو الأصلح لهم.
ثالثاً
: وإمّا أن يكون غرضه الفوز بأجر الشهادة
بنفسه والتجهيز للجهاد بتقديم اخوته ليثاب أيضاً بأجر الصابرين ويحوز كلتا
السعادتين.
وربما يدل عليه ما ذكره أبو الفرج في
مقتل عبد الله من قول العباس له : «تقدم بين يدي حتى أراك قتيلاً واحتسبك» فكان
أول من قتل من أخوته.
وذكر أبو حنيفة الدينوري : أنّ العباس
قال لأخوته : تقدموا بنفسي أنتم وحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه ، فتقدموا جميعاً
وقتلوا.
ولو أراد أبو الفضل من تقديمهم للقتل
حيازة مواريثهم ـ وحاشاه ـ لم يكن لاحتساب أخيه عبد الله معنى ، كما لا معنى
لتفديتهم بنفسه الكريمة كما في «الأخبار الطوال».
وهناك مانع آخر من ميراث العباس لهم
وحده ، حتى لو قلنا ـ على بعد ومنع ـ بوفاة أم البنين يوم الطف ، فان ولد العباس
لم يكن هو الحائز لمواريثهم لوجود الأطراف وعبيد الله بن النهشلية ، فانهما
يشتركان مع العباس في الميراث ، كما يشاركهم سيد شباب أهل الجنة وزينب العقيلة وأم
كلثوم ورقية وغيرهم من أولاد أمير المؤمنين عليهالسلام.