كمن له من وراء نخلة ـ وهو زيد بن الرقاد الجهني وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي ـ ولم يستقبله بوجهه ، فضربه على يمينه ضربة غادرة فبراها.
لقد قطع تلك اليد الكريمة التي كانت تفيض برّاً وكرماً على المحرومين والفقراء ، والتي طالما دافع بها عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
ولم يعن بها سبع القنطرة وراح يرتجز :
والله إن قطعتمو يميني |
|
إني أحامي أبداً عن ديني |
وعن إمام صادق اليقين |
|
نجل النبي صلّى الله عليه وآله الطاهر الأمين |
ودلل بهذا الرجز على الأهداف العظيمة والمثل الكريمة التي جاهد من أجلها ، فهو إنّما يجاهد دفاعاً عن الاسلام ودفاعاً عن إمام المسلمين وسيد شباب أهل الجنة.
ولم يبعد العباس قليلاً حتى كمن له من وراء نخلة رجس من أرجاس البشرية ، وهو الحكيم بن الطفيل الطائي ، فضربه على يساره فبراها فقال عليهالسلام :
يا نفس لا تخشي من الكفار |
|
وأبشري برحمة الجبار |
مع النبي السيد المختار |
|
قد قطعوا ببغيهم يساري |
فأصلهم يا ربّ حرّ النار
فحمل القربة بأسنانه وجعل يركض ليوصل الماء إلى عطاشى أهل البيت عليهمالسلام.
قال القاضي أبو حنيفة النعمان المتوفى سنة (٣٦٣) : وقطعوا يديه ورجليه حنقاً عليه ولما أبلى فيهم وقتل منهم فلذلك سمي السقاء (١).
ولربما كان قطع رجلي العباس عليهالسلام ليمنعوه عن إيصال الماء ؛ لأنه عليهالسلام ترك فرسه وسارع يركض برجليه ، إضافة إلى حنقهم لعنهم الله.
فعند ذلك أمنوا سطوته وتكاثروا عليه ، وأتته السهام كالمطر ، فأصاب القربة
__________________
(١) شرح الاخبار ٣ / ١٩٣ في ذكر من قتل مع الحسين عليهالسلام.