يقول كأن يراني الذي يتوعدني ويتهددني في العزّ والمنعة ، كأنني مع أولاد جفنة بدومة الجندل وهو منزل بالشام ، وأصحاب الحديث يقولونه بفتح الدال دومة الجندل ، وأهل الأعراب بضم الدال ، وقوله : سواء الهيكل : أي وسط الهيكل ، والهيكل بيت للنصارى يعظمونه :
ولقد شربت الخمر في حانوتها |
|
صهباء صافية كطعم الفلفل |
يسعى عليّ بكأسها متنطّف |
|
فيعلّني منها ، وإن لم أنهل |
المتنطف (١) الذي في أذنه قرط ، ويروى : بكأسها منتطق ، أي في وسطه منطقة. فيعلّني : يسقيني من بعد مرّة والنهل الريّ هاهنا ، والعلل الشرب الثاني ، ومنه الحديث : حدّثنا الهيثم بن بحر العبسي وغيره ، نا بشر بن محمد السّكري ، نا عبد الملك بن وهب المذحجي عن الحر بن الصّباح النّخعي ، عن أبي معبد الخزاعي في قصّة أم معبد وذكر الحديث وفيه : فسقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه من لبن الشاة حتى رووا ، وشرب آخرهم وقال : «ساقي القوم آخرهم شربا» [٣٠١٥] فشربوا جميعا عللا بعد نهل ، وقال الشاعر وهو رجل من الأعراب ونزل على قوم فسقوه فشكر فأنشأ يقول :
علّلاني إنما الدنيا علل |
|
واسقياني عللا بعد نهل |
ثم نحر ناقته فأطعم أصحابه لحمها وجعل يقول :
وانشلا ما أغبر من قدريكما |
|
واسقياني أبعد الله الجمل |
حدّثني بذلك أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة ، وأخبرنيه أبو طالب محمد بن علي بن دعبل الخزاعي ، عن العباس بن هشام الكلبي ، عن أبيه بنحو ذلك قال : ثم أصبح وأفاق من سكره فسأل عن جمله فقيل : نحرته فجعل يبكي ويقول وا رجلتاه.
إنّ التي عاطيتني فرددتها |
|
قتلت قتلت ، فهاتها لم تقتل |
ويروى : «إن التي ناولتني» (٢) ، قتلت : أي صب فيها الماء فمزجت فهاتها صرفا غير ممزوج.
__________________
(١) بالأصل «المنتطف».
(٢) وهي رواية الديوان ص ١٨١.