عرفة ، عن ابن سلام ـ يعني ـ عبيد الله بن إسحاق بن سلام وأنشدني اليزيدي عن عمه عن الأصمعي للفرزدق :
[يا] ظميا ويحك إنّي ذو محافظة |
|
أنمي إلى معشر شمّ الخراطيم (١) |
وقوله : من الطراز الأول ، يقول : هم مثل آبائهم الأشراف المتقدمين الذين لا تشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الأفعال المحدثة :
يغشون حتى لا تهرّ كلابهم |
|
لا يسألون عن السّواد المقبل |
يقول : إن منازلهم لا تخلو من الأضياف والطراف والعفاة فكلابهم لا تهر على من يقصد منازلهم وهذا كما قال حاتم الطائي :
فإن كلابي قد أقرّت وعوّدت |
|
قليل على من يعتريني هديرها (٢) |
وقوله : لا يسألون عن السّواد المقبل ، أي هم في سعة لا يبالون كم نزل بهم من الناس ولا يهولهم الجمع الكثير وهو السواد إذا قصدوا نحوهم.
فلبثت أزمانا طوالا فيهم |
|
ثم ادّكرت كأنني لم أفعل |
بقيت دهرا فيهم ثم انتقلت ، فتذكرت ما كنت فيه فكأنه شيء لم يكن ، فلم يبق إلّا الحديث والذكر ، يقول :
إمّا تري رأسي تغيّر لونه |
|
شمطا فأصبح كالثّغام الممحل (٣) |
إمّا تري ، يخاطب امرأة ، والثّغامة : شجرة بيضاء نورها وورقها كأنها القطن يشبّه الشيب بها ، ومنه الحديث أتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأبي قحافة يوم الفتح وكأن رأسه ثغامة فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «غيّروه» [٣٠١٤].
وقوله : الممحل ، المحل : قلة المطر ، والثغامة إذا قل المطر كان أشد لبياضها لأنها تيبس وتجف فيخلص بياضها ولا تخضرّ.
فلقد يراني الموعديّ وكأنني (٤) |
|
في قصر دومة أو سواء الهيكل |
__________________
(١) البيت في ديوان الفرزدق ط بيروت ٢ / ١٨١ والزيادة عنه للوزن.
(٢) ديوان حاتم ط بيروت ص ٦٣ وفيه : وإن كلابي قد أهرت ... هريرها.
(٣) في الديوان : «المحول».
(٤) الديوان : ولقد براني موعدي كأنني.