فقال عمارة : لله دره لقد تقدم في هذا المعنى جميع ما سبقه من القول ، على كثرة القول فيه حتى تحبب الاغتراب ، هيه فأنشده (١) :
وطول مقام المرء بالحي مخلق |
|
لديباجتيه فاغترب تتجدّد |
فإني الشمس الشمس زيدت محبة |
|
إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد |
فقال عمارة : كمّل والله ، إن كان الشعر بجودة اللفظ [و] حسن المعاني وإطراد المرادف ، واستواء الكلام ، فصاحبكم هذا أشعر (٢) الناس ، وإن كان بغيره فلا أدري.
أخبرنا أبو العز كادش ـ إذنا ومناولة وإسناده علي حينئذ ـ وأخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نبأنا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أخبرنا أبو بكر الخطيب قالا (٣) : أنبأنا أبو علي محمّد بن الحسين بن محمّد الجازري ، نبأنا المعافا بن زكريا ، نبأنا محمّد بن يحيى الصولي ، نبأنا محمّد (٤) بن موسى بن حمّاد قال : سمعت علي بن الجهم وذكر وقد ذكر دعبلا فكفّره ولعنه وقال : كان قد أغرى بالطعن على أبي تمام وهو خير منه دينا وشعرا فقال له رجل : لو كان أبو تمام أخاك ما زاد على كثرة وصفك له ، فقال : إلّا يكن أخا بالنسب ، فإنه أخ بالأدب والدين والمروءة ، أوما سمعت قوله في طيّىء :
إن يكن مطرف الاخاء فإننا |
|
نغدوا ونسري في إخاء تالد |
أو يختلف بالوصال (٥) فماؤنا |
|
عذب تحدّر من غمام واحد |
أو يفترق نسب يؤلف بيننا |
|
أدب أقمناه مقام الوالد |
أخبرنا أبو العز بن كادش فيما قرأ إسناده علي وقال : اروه عني ، وناولني إياه ، أنبأنا أبو علي الجازري ، أنبأنا المعافا زكريا القاضي قال (٦) : وكنت يوما جالسا في دار أمير المؤمنين القادر بالله وبالحضرة جماعة من أماثل شعراء زماننا ومنهم من له حظ من أنواع الأدب وتصرف في نقد الشعر ومعرفة بأعاريضه وقوافيه ، وخاصته وخواصه
__________________
(١) من القصيدة السابقة الديوان ص ٩٨.
(٢) بالأصل : «شعر».
(٣) تاريخ بغداد ٨ / ٢٥١ نقلا عن المعافى بن زكريا ، والخبر في كتاب الجليس الصالح الكافي ١ / ٤٣٨.
(٤) في الجليس الصالح : حدثنا موسى بن محمد بن موسى بن حماد.
(٥) في المصدرين : ماء الوصال.
(٦) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٢٠٨.