وكان كتاب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان :
بسم الله الرّحمن الرحيم.
إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك.
أمّا بعد ، فإن الحجّاج قال لي هجرا وأسمعني نكرا ولم أكن لذلك أهلا ، فخذ بي على يديه ، فإني أمتّ بخدمتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصحبتي إيّاه ، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فبعث عبد الملك إلى إسماعيل بن عبيد الله (١) بن أبي المهاجر وكان مصادقا للحجّاج فقال له : دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد إلى العراق ، فابدأ بأنس بن مالك صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وادفع كتابه إليه وبلغه مني السلام ، وقل له : يا أبا حمزة قد كتبت إلى الحجّاج الملعون كتابا إذا رآه وقرأه كان أطوع لك من أمتك.
وكان كتاب عبد الملك إلى أنس بن مالك :
بسم الله الرّحمن الرحيم.
من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أنس بن مالك خادم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمّا بعد.
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من شكاتك للحجّاج وما سلّطه عليك ولا أمرته بالإساءة إليك ، قال : فإن عاد لمثلها فاكتب إلي بذلك ، أنزل به عقوبتي ، وتحسن لك معونتي والسّلام.
فلما قرأ أنس بن مالك كتابه وأخبر برسالته قال : جزى الله أمير المؤمنين عني خيرا وعافاه وكافأه عني بالجنة ، فهذا الذي كان ظني به والرجاء منه.
فقال إسماعيل بن عبيد الله لأنس : يا أبا حمزة إنّ الحجّاج عامل أمير المؤمنين وليس بك عنه غنى ولا بأهل بيتك ولو جعل لك في جامعة ثم دفع إليك لقدر أن يضر وينفع فقاربه وداريه ، فقال أنس : أفعل إن شاء الله ، ثم خرج إسماعيل من عنده فدخل على الحجّاج ، فلما رآه الحجّاج فقال مرحبا برجل أحبّه ، وكنت أحبّ لقاءه ، فقال له
__________________
(١) بالأصل والجليس الصالح «عبد الله» وفي بغية الطلب : «عبيد الله» وهو الصواب ، انظر ترجمته في سير الأعلام ٥ / ٢١٣ وقد صوبناه في كل مواضع الخبر.