فعل ذلك بغير واحد من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد أن يذلهم بذلك ، وقد مضت العزّة لهم بصحبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، انتهى.
أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنبأنا [أبو] عمرو بن مندة (١) ، أنبأنا أبو محمّد بن يوة (٢) ، أنبأنا أبو الحسن ، نبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نبأنا أبو سعد بن موسى ، نبأنا جعفر ، نبأنا جرير ، عن سماك بن موسى الضّبّي قال : أمر الحجاج [أن توجأ](٣) عنق أنس بن مالك ، وقال : أتدرون من هذا؟ هذا خادم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أتدرون لم فعلت به هذا؟ قالوا : الأمير أعلم ، قال : لأنه سيّئ البلاء في الفتنة الأولى غاشّ الصدر في الآخرة (٤).
أخبرنا أبو العز ـ ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ نبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي (٥) ، نبأنا أبو القاسم الأنباري ، حدثني أبي ، نبأنا أحمد بن عبيد ، نبأنا هشام بن (٦) محمّد بن السّائب الكلبي ، عن عوانة بن الحكم الكلبي ، قال : دخل أنس بن مالك على الحجّاج بن يوسف ، فلما وقف بين يديه سلّم ، فقال : إيه إيه يا أنيس ، يوم لك مع علي ، ويوم لك مع ابن الزبير ، ويوم لك مع ابن الأشعث ، والله لأستأصلنّك كما تستأصل الشأفة ، ولأدمغنّك كما تدمغ الصّمغة ، فقال أنس [إيّاي](٧) يعني الأمير أصلحه الله؟ قال : إيّاك (٨) سكّ الله سمعك ، قال أنس : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، والله لو لا الصبية الصّغار ما باليت أي قتلة قتلت ، ولا أيّ ميتة متّ ، ثم خرج من عند الحجّاج فكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك فلمّا قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا وصفّق عجبا وتعاظمه ذلك من الحجّاج.
__________________
(١) بالأصل : أنبأنا عمر بن مندة.
(٢) ضبطت عن تبصير المنتبه.
(٣) بياض بالأصل ، والعبارة المستدركة بين معكوفتين أثبتت عن بغية الطلب لابن العديم ٥ / ٢٠٥٦ ومختصر ابن منظور ٦ / ٢١٩.
(٤) عنى بالفتنة الأولى حصار الخليفة عثمان بن عفّان ومقتله ، وبالفتنة الثانية خروج ابن الأشعث عليه.
(٥) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٥١ وما بعدها ، وبغية الطلب ٥ / ٢٠٥٢ وما بعدها. ومصادر أخرى ، انظر حاشية الجليس الصالح.
(٦) بالأصل «نبأنا» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٧) الزيادة عن الجليس الصالح.
(٨) الاستكاك : الصمم.