وقد ذكر ابن إسحاق هذه القصة بإسناد منقطع وفيها ألفاظ تخالف هذه الألفاظ ، أخبرنا بها أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا رضوان بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن عبد الجبّار ، نبأنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، قال : حدثني بعض أهل المدينة قال : لمّا أسلم الحجاج بن علاط السّلمي شهد خيبر مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال (١) : يا رسول الله إنّ لي بمكة مالا على التجار ومالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة أخت ابن عبد الدار ، وأنا أتخوف إن علموا بإسلامي يذهبوا بمالي فائذن لي باللحوق به لعلّي أتخلّصه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد فعلت» فقال : يا رسول الله إنّي لا بد لي أن أقول فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قل وأنت في حلّ» فخرج الحجاج ، [قال :] فلما انتهيت إلى ثنيّة البيضاء (٢) إذا بها نفر من قريش يتجسسون الأخبار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد بلغهم مسيره إلى خيبر ، فلما رأوني قالوا : هذا الحجّاج وعنده الخبر. يا حجّاج أخبرنا عن القاطع فإنه قد بلغنا أنه قد سار إلى خبائر ـ وهي قرية الحجاز تجاور (ـ ـ ـ ـ) (٣) فقلت : أتاكم الخبر؟ فقالوا : فمه؟ فقلت : هزم الرجل أشر هزيمة سمعتم بها ، قتل أصحابه وأخذ محمّدا أسيرا فقالوا : لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتل بين أظهرهم بما كان قتل فيهم ، فالتبطوا (٤) إلى جانبي ناقتي يقولون جزاك الله خيرا ، والله لقد جئتنا بخبر سرّنا. ثم جاءوا فصاحوا بمكة ، وقالوا : يا معشر قريش هذا الحجاج قد جاءكم بالخبر ، محمّد أسر من بين أصحابه وقتل أصحابه ، وإنما تنتظرون أن تؤتوا به فيقتل بين أظهركم بما كان أصاب منكم ، فقلت : أعينوني على جمع مالي فإني إنما قدمت لأجمعه ثم ألحق بخيبر قبل التجار فأصيب من فرص البيع قبل [أن] تأتيهم التجار فأشتري ممّا أصيب من محمّد وأصحابه فقاموا فجمعوا مالي أحبّ (٥) جمع سمعت به قط ، وقد قلت لصاحبتي : مالي مالي لعلّي ألحق فأصيب من فرص البيع قبل [أن] تأتيهم التجار ، فدفعت إليّ مالي.
فلما استفاض ذكر ذلك بمكة أتاني العبّاس وأنا قائم في خيمة تاجر من التجار فقام
__________________
(١) الخبر في سيرة ابن هشام ٣ / ٣٥٩.
(٢) هي عقبة قرب مكة تهبطك إلى فخ وأنت مقبل من المدينة تريد مكة (معجم البلدان).
(٣) كلمة غير مقروءة بالأصل ، وفي ابن هشام : سار إلى خيبر وهي بلد يهود وريف الحجاز.
(٤) أي مشوا إلى جنبها ملازمين لها.
(٥) في ابن هشام وأسد الغابة : أحثّ جمع.