قال ثابت عن أنس : ثم أرسل غلاما له إلى الحجّاج بن علاط : ويلك ما جئت به؟ وما ذا تقول؟ فما وعد الله تبارك وتعالى خير مما جئت به. قال الحجّاج بن علاط لغلامه : اقرأ على أبي الفضل السلام ، وقل له فليخل لي في بعض بيوته لآتيه ، فإن الخبر على ما يسرّه ، فجاء غلامه. فلما بلغ باب الدار قال : أبشر يا أبا الفضل. قال : فوثب العباس فرحا حتى قبّل بين عينيه ، فأخبره ما قال الحجّاج ، فاعتنقه ، قال : ثم جاء الحجّاج فأخبره أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد افتتح خيبر ، وغنم أموالهم ، وجرت سهام الله عزوجل في أموالهم ، واصطفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم صفية ابنة حييّ فاتّخذها لنفسه ، وخيّرها أن يعتقها وتكون زوجته أو تلحق بأهلها ، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته ، ولكني جئت لمال كان لي هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به ، فاستأذنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأذن لي أن أقول ما شئت ، فاخف عني ثلاثا ، ثم اذكر ما بدا لك.
قال : فجمعت امرأته ما كان عندها من حليّ ومتاع فجمعته ودفعته إليه ، ثم انشمر به ، فلما كان بعد ثلاث أتى العبّاس امرأة الحجاج فقال : ما فعل زوجك؟ فأخبرته أنه قد ذهب يوم كذا وكذا ، وقالت لا يخزيك الله يا أبا الفضل ، لقد شقّ علينا الذي بلغك.
قال : أجل لا يخزيني الله ، ولم يكن بحمد الله إلّا ما أحببنا ، فتح الله خيبر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وجرت فيها سهام الله عزوجل فاصطفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم صفية لنفسه ، فإن كانت لك حاجة إلى زوجك فالحقي به ، قالت : أظنك والله صادقا قال : فإني صادق ، الأمر على ما أخبرتك ، ثم ذهب حتى أتى مجالس قريش ، وهم يقولون إذا مرّ بهم : لا يصيبك إلّا خير (١) يا أبا الفضل ، قال : لم يصبني إلّا خير بحمد الله تعالى ، قال : أخبرني الحجّاج بن علاط أن خيبر فتحها الله تبارك وتعالى على رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وجرت فيها سهام الله ، واصطفى صفية لنفسه ، وقد سألني أن أخفي عنه ثلاثا وإنما جاء ليأخذ ماله ، وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب قال : فردّ الله تعالى الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبا حتى أتوا العبّاس عليهالسلام فأخبرهم الخبر ، فسرّ المسلمون وردّ الله تعالى ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين.
لفظ حديث ابن الحصين والباقين نحوه انتهى.
__________________
(١) بالأصل «خيرا».