قال الأسلمي : قد أجبته إلى ما سأل ، فاسأله أن يأذن لي أن أخبرك لم فعلت ذلك ؛ فقال : ائذن له ، فقال : ضافني ـ أصلحك الله ـ فسألته من هو؟ فقال : رجل من قريش ، فذبحت له الشاة التي ذكر ، والله لو كان عندي غيرها لذبحته له ، حين ذكر أنه من قريش. ثم غدا من عندي وغدا الحيّ فقالوا : من ضيفك البارحة؟ فقلت : رجل من قريش ؛ فقالوا : ليس من قريش ، إنما هو دعيّ فيها ، فضافني الثانية ، قال : إنه دعيّ في قريش ، فجئته بتمر ولبن ، ثم غدا من عندي ، وغدا الحيّ فقالوا : من ضيفك البارحة قال : فقلت : الذي ذكرتم أنه الدعيّ في قريش ، فقالوا : لا والله ما هو فيها بدعيّ ولكنه دعيّ أدعياء. فضافني الثالثة على أنه دعيّ أدعياء قريش ، فو الله لو وجدت له شرا من لبن حامض لجئته به. فانكسر (١) ابن هرمة ، وضحكنا منه.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٢) : أنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز ، أنا عمر بن محمد بن سيف الكاتب ، نا محمد بن العباس اليزيدي ، نا الزبير بن بكار ، نا محمد بن ثابت ، حدثني محمد بن فضالة النحوي قال : لقي رجل من قريش ممن كان خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن ، إبراهيم بن علي بن هرمة الشاعر فقال له : ما الخبر؟ ما فعل الناس يا أبا إسحاق؟ فقال ابن هرمة (٣) :
أرى الناس في أمر سحيل (٤) فلا تزل |
|
على ثقة أو تبصر الأمر مبرما |
وأمسك بأطراف الكلام فإنه |
|
نجاتك مما خفت أمرا مجمجما |
فلست على رجع الكلام بقادر |
|
إذا القول عن زلّاته فارق الفما |
وكائن ترى من وافر العرض صامتا |
|
وآخر أردى نفسه أن تكلما |
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الجرباذقاني (٥) المعدّل ـ بهراة ـ أنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري بهراة ، أنا إسحاق بن أبي إسحاق القراب ، أنشدني أحمد بن محمد السّرخسي ، أنشدنا أبو عمر محمد بن أحمد
__________________
(١) الأغاني : فانخذل.
(٢) تاريخ بغداد ٦ / ١٣٠.
(٣) ديوانه ص ١٩٣ وتاريخ بغداد.
(٤) الأمر السحيل غير المبرم ، وهو الحبل الذي على قوة واحدة غير مفتول ، يعني أنه غير موثوق وغير محكم وغير متين.
(٥) هذه النسبة إلى جرباذقان : بلدتان إحداهما بين جرجان وأسترآباذ ، والثانية بين أصبهان والكرج (الأنساب).