ذاك افناها ، أذاك أفناها.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (١) ، أنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علّان الورّاق ، نا محمد بن أحمد بن محمد بن حمّاد ، نا هاشم بن محمد بن هارون الخزاعي ، نا عبد الرّحمن بن عبد الله بن قريب ابن أخي الأصمعي ، عن عمه قال : قال لي رجل من أهل الشام : قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم بن هرمة ، فإذا بنيّة له صغيرة تلعب بالطين ، فقلت لها : ما فعل أبوك؟ قالت : وفد إلى بعض الملوك الأجياد (٢) ، فما لنا به علم منذ مدة. فقلت : انحري لنا ناقة فإنّا أضيافك ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فشاة؟ قالت : والله ما عندنا. قلت : فدجاجة؟ قالت : والله ما عندنا قلت : فأعطينا (٣) بيضة قالت : والله ما عندنا قلت : فباطل ما قال أبوك :
كم ناقة قد وجأت منحرها |
|
بمستهلّ الشئوب (٤) أو جمل (٥) |
قالت : فذلك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف المقرئ ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا أبو القاسم عبد الرّزّاق بن أحمد بن عبد الحميد ، نا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن ورد ، نا أبو إسحاق بن حميد البصري القاضي ، حدثني محمد بن زكريا قال : اجتاز نصيب مرّة بالسّيّالة وبها منزل ابن هرمة فناداه : يا أبا إسحاق فخرجت إليه بنته مذعورة ، فقال : أين أبوك؟ قالت : راح لحاجة انتهز فيها برد الفيء قال : فهل من قرى؟ قالت : لا والله ، [قال :] ولا جزور ولا شاة؟ قالت : لا والله ولا دجاجة ولا بيضة. قال : قاتل الله أباك ما أكذبه إذ يقول :
لا أمتّع العوذ بالفصال (٦) |
|
ولا أبتاع إلّا قصيرة الأجل |
__________________
(١) تاريخ بغداد ٦ / ١٣٠ ـ ١٣١.
(٢) في تاريخ بغداد : وفد إلى بعض الأجواد.
(٣) عن تاريخ بغداد والمختصر ، وبالأصل «فاعطنا».
(٤) الشؤبوب : حدّ كل شيء. ووجأه : ضربه بسكين أو نحوه.
(٥) البيت في ديوانه ص ١٨٤ والأغاني ٥ / ٢٦٣.
(٦) بالأصل : «لا أمنع العود» والمثبت عن الأغاني ٥ / ٢٦٠ والعوذ الإبل التي قد نتجت ، واحدتها عائذ. وفي القاموس : الحديثات النتاج من الظباء وكل أنثى.