يحيى ـ ثعلب ـ حدثني عمر بن شبّة ، حدثني أبو سلمة ، أخبرني ابن زنيح (١) قال : أصابت ابن هرمة أزمة ، فقال لي في يوم حارّ : اذهب فتكار لي حمارين إلى ستة أميال ، ولم يسمّ موضعا. فركب واحدا وركبت واحدا ، ثم سرنا حتى انتهينا (٢) إلى قصور حسن بن زيد ببطحاء ابن أزهر ، فدخلنا مسجده. فلما زالت (٣) الشمس خرج علينا مشتملا على قميصه فقال لمولى له : أذّن فأذّن ، ثم لم يكلمنا كلمة ثم قال له : أقم فأقام فصلّى بنا ، ثم أقبل على ابن هرمة فقال : مرحبا بك أبا إسحاق ، حاجتك؟ قال : نعم بأبي أنت وأمي أبيات قلتها ـ وقد كان عبد الله بن حسن ، وحسن وإبراهيم بنو حسن وعدوه شيئا فأخلفوه ـ فقال : هاتها. فأنشد (٤) :
أما بنو هاشم حولي فقد فرغوا (٥) |
|
نبل الضّباب (٦) الذي جمّعت في قرني |
فما بيثرب منهم من أعاتبه |
|
إلّا عوائد أرجوهنّ من حسن |
الله أعطاك فضلا من عطيّته |
|
على هن وهن فيما مضى وهن |
قال : حاجتك قال : لابن أبي مضرّس عليّ خمسون ومائة دينار قال : فقال لمولى له ، أيا هيثم ، اركب هذه البغلة فائتني بابن مضرّس وذكر حقّه. قال : فما صلّينا العصر حتى جاء به. فقال له : مرحبا بك يا ابن [أبي] مضرس ، أمعك ذكر حقّ على ابن هرمة؟ فقال : نعم قال : فامحه قال : فمحاه ، ثم قال : يا هيثم بع ابن أبي مضرس من تمر الخانقين (٧) بمائة وخمسين دينارا وزده في كل دينار ربع دينار ، وكل لابن هرمة بخمسين ومائة دينار تمرا ، وكل لابن زنيج بثلاثين دينارا تمرا قال : فانصرفنا من عنده ، فلقيه محمد بن عبد الله بن حسن بالسّيالة (٨) ، وقد بلغه الشعر ، فغضب لأبيه وعمومته فقال : أيا ماصّ بعل أمه! أأنت القائل :
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي المختصر : «زبنّج» وفي الأغاني ٤ / ٣٧٥ ربيح.
(٢) الأصل والمختصر ، وفي الأغاني : صرنا.
(٣) الأصل والمختصر وفي الأغاني : مالت.
(٤) الأبيات في ديوانه ص ٢٢٣ والأغاني ٤ / ٣٧٦ والمختصر ٤ / ٩٠.
(٥) الأغاني : قرعوا.
(٦) الأغاني : الضباب.
(٧) الخانقين موضع بالمدينة.
(٨) السيالة أول مرحلة لأهل المدينة إذا أرادوا مكة (معجم البلدان).