مثل ذلك ، فضرب به بين يديّ ، فقال لي عبد الواحد : ادن يا أبا إسحاق ، فإني أعلم إنك لم تصر إلينا حتى تفاقم صدعك ، فخذ هذا وارجع إلى عيالك ، فو الله ما سلكنا لك هذا إلّا من بين أشداق عيالنا. ودفع إليّ ألف دينار ، وقال لي : قم فارحل فأغث من وراءك.
فقمت إلى الباب ، فلما نظرت إلى [ناقتي](١) ضقت ، وقال لي : تعال ما أرى هذه بمبلغتك ، يا غلام قدّم له جملي فلانا فو الله لكنت بالجمل أشدّ سرورا مني بكل ما نلته ؛ فهل تلومني أن أغصّ حذار سخط هذا بالقراح؟ وو الله ما أنشدته بيتا واحدا.
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطّوسي ، نا الزبير بن بكار ، حدثني عمّي مصعب بن عبد الله ، عن جدّي عبد الله بن مصعب قال (٢) : لقيني إبراهيم بن علي بن هرمة فقال لي : يا ابن مصعب لم (٣) يبلغني أنك تفضل عليّ ابن أذينة؟ نعم ما شكرتني في مديحي إياك ، ألم تعلم :
رأيتك مختلّا عليك خصاصة |
|
كأنّك لم تنبت ببعض المنابت |
كأنك لم تصحب شعيب بن جعفر |
|
ولا مصعبا ذا المكرمات ابن ثابت (٤) |
قال : فقلت له : يا أبا إسحاق أقلنيها وأنا اعتبك ، وهلمّ فروّني من شعرك ما شئت ، فرويت له هاشمياته (٥) يعني فأخذتها من فيه.
أخبرنا أبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب ، نا أبو القاسم الأزهري ، أنا الحسن بن محمد بن سليمان ، نا محمد بن القاسم الأنباري ، حدثني أبي ، حدثني أبو عكرمة الضّبّي ، قال : قال سليمان بن أبي شيخ قال راوية (٦) بن هرمة : بعث إليّ ابن هرمة في وقت الهاجرة صر إليّ ، فقال : اكتر حمارين إلى أربعة أميال من المدينة أين شئنا فقلت : هذا وقت الهاجرة وأرض المدينة سخنة فامهل حتى تبرد ، فقال : لا لابن
__________________
(١) الزيادة عن الأغاني.
(٢) الخبر في الأغاني ٤ / ٣٨٠.
(٣) في الأغاني : يا بن مصعب أتفضل عليّ ابن أذينة.
(٤) ديوانه ص ٧٧ ـ ٧٨ والأغاني ٤ / ٣٨٠.
(٥) في الأغاني : «عباسياته» وبهامشه : لعله يريد قصائده التي مدح بها بني العباس.
(٦) اسمه : ابن ربيح كما في الأغاني ٤ / ٣٧٥ وفي المختصر : ابن زبنّج.