ثم تقول (١) فيها :
أعبد الواحد المأمول (٢) إنّي |
|
أغصّ [حذار](٣) سخطك بالقراح |
فبأي شيء استوجب ذلك منك؟ فقال : إني أخبرك بالقصة لتعذرني : أصابتني أزمة وقحمة (٤) بالمدينة فاستنهضتني ابنة عمي للخروج فقلت لها : ويحك إنه ليس عندي ما يقلّ جناحي ، فقالت : أنا أنهضك بما أمكنني ، وكانت عندي ناب لي ، فنهضت عليها بجهد (٥) القوام ونؤذي السّمّار ، وليس من منزل أنزله إلّا قال الناس ابن هرمة ، حتى دفعت إلى دمشق ، فأويت إلى مسجد عبد الواحد في جوف الليل ، فجلست فيه أنتظره إلى أن نظرت إلى بزوغ الفجر ، فإذا الباب ينفلق عن رجل كأنه البدر. فدنا فأذّن ، ثم صلّى ركعتين ، وتأمّلته فإذا هو عبد الواحد ، فقمت فدنوت منه فسلّمت عليه ، فقال : أبا إسحاق! أهلا ومرحبا ، فقلت : لبّيك ، بأبي وأمي أنت! وحيّاك الله بالسلام وقرّبك من رضوانه ، فقال : أما آن لك أن تزورنا؟ فقد طال العهد ، واشتد الشّوق ، فما وراءك؟ فقلت : لا تسألني ، بأبي أنت ، فإن الدهر قد أخنى عليّ ، فما وجدت مستغاثا غيرك ؛ فقال : لا ترع ، فقد وردت على ما تحبّ [إن شاء](٦) الله.
فو الله إني لأخاطبه فإذا بثلاثة فتية قد خرجوا كأنهم الأشطان (٧) فسلّموا ، فاستدنى (٨) الأكبر منهم فهمس إليه بشيء دوني ودون أخويه ، فمضى إلى البيت ثم رجع فجلس إليه فكلمه بشيء ثم ولّى ، فلم يلبث أن خرج ومعه عبد ضابط (٩) يحمل (١٠) عبئا من الثياب حتى ضرب به بين يديّ ، ثم همس [إليه](١١) ثانية فعاد ، وإذا به قد رجع ومعه
__________________
(١) عن الأغاني وبالأصل «يقول» وقوله : «ثم تقول فيها» سقط من م.
(٢) في الأغاني : «الميمون» وبهامشها عن بعض نسخها «المحمود».
(٣) سقطت من الأصل واستدركت على هامشه وبجانبها كلمة صح.
(٤) القحمة : السنة الشديدة والقحط.
(٥) في الأغاني : نهجد النوام.
(٦) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدركت العبارة عن هامشه وبجانبها كلمة صح.
(٧) الأشطان جمع شطن وهو الحبل ، وقيل هو الحبل الطويل.
(٨) عن الأغاني ، وبالأصل : فأسندني.
(٩) ضابط : قوي.
(١٠) بالأصل «على» والمثبت عن الأغاني.
(١١) الزيادة عن الأغاني.