ادعى شيئا من ذلك فكفره ، ان لم نقل بكونه ذاتيا ـ كما لعله الأظهر وعليه كاشف الغطاء ، فلا أقل من كونه منكرا لما علم من الدين ضرورة.
(ومنها المجبّرة) وهم : المنكرون لاختيار العبد في أفعاله ، بل هو مجبور عليها.
(والمفوّضة) وهم : القائلون بتفويض الخلق والرزق الى حجج الله (١) فهم وان وقع الخلاف في كفرهم ، إلا أن الأظهر ذلك لدخولهم في منكر الضروري (٢) مع ورود النص بكفرهم كخبر يزيد بن عمر الشامي
__________________
ـ الموجود ـ كما عليه بعض المتصوفين ـ فذلك هو الكفر ، وإلا فلا كفر فيه ، والله العاصم.
(١) والقائلون أيضا في التفويض واستقلال العباد في أفعالهم ، في مقابل المجبرة القائلين بجبرهم عليها ، وإنما قال هؤلاء بالتفويض مبالغة في تنزيه الله تعالى ـ بزعمهم ـ عن نسبة الظلم اليه باستناد جميع الأفعال الخيرة والشريرة إليه ، فإن العقاب على غير المقدور ظلم قبيح ، ولكنهم وقعوا في أشد مما فروا منه من القبح ، وهو جعل الشريك لله والوهن في سلطانه ولذلك ورد عن الامام الصادق ـ عليه السلام ـ شجب القولين المتطرفين في خطي الإفراط والتفريط ، وإثبات حد وسط بينهما ، فقال (ع) : «ولا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين» ـ كما حفلت بذلك كتب الاخبار ـ وذلك لأن الأفعال العباد نسبتين حقيقيتين الى الله تعالى من حيث الإفاضة والأقدار والى العبد نفسه من حيث الصدور والإيجاد ، فاتضح معنى قوله (ع) أمر بين أمرين.
(٢) إن التزموا ـ ملتفتين ـ باللوازم المترتبة على قولهم بالجبر من حيث إنكار ترتب الثواب والعقاب الموجب للتكذيب ، أو قولهم بالتفويض من حيث الشرك لله تعالى ، وبعكس ذلك فلا يمكن القول بكفرهم ـ أو نجاستهم ـ