التأويل والتقليد والتسليم والرضا بقول الآباء والاسلاف فقد أشرك» (١) ومفاد هذه الأخبار لا ينفك عن العنوان المنتزع منها ، وهو الخروج عن الدّين الذي هو سبب للكفر ، بل هو الكفر حقيقة ، من غير فرق في عدم التدين بين ما كان من أصول الدّين أو من فروعه بعد العلم ـ أو ما بحكمه ـ بأنه من الدّين.
وهذان الوجهان (٢) يشتركان في التكفير بإنكار ضروري المذهب من أهل المذهب ، بل كل ما قطع من دليله بأنه حكم النبي فحكم بخلافه وان لم يكن ضروريا. وكذا إذا اعترف بالقطع به بل الأخيران أولى لحصول العلم الفعلي له فيهما وفي الأول علمه بالضرورية من حيث وجوب التدين به لبطلان الشبهة في مقابل الضرورة بحكم العلم بالمخالفة لعدم اتصافه في الحقيقة بالعلم الذي هو من الصفات النفسانية.
ويفترقان في من أنكر الضروري مع علمه بأنه ضروري لشبهة أوجبت له إنكار كونه مما أخبر به النبي ، فلا يحكم بكفره على الأول لعدم تكذيبه للنبي ، ويحكم به على الثاني لخروجه به عن الدين بعد أن لم يكن مسرح للشبهة في مقابل الضرورة ، وبعبارة أخرى : العلم بضروريته من الدّين بحكم علمه بكونه منه في وجوب التديّن به والخروج عن الدّين
__________________
(١) الوسائل : كتاب الطهارة ، باب ٢ من أبواب مقدمة العبادات حديث (١٥).
(٢) اللذان وجه المصنف بهما القول المخالف للمشهور في تقييد عنوان المنكر للضروري باستلزام عدم تصديق النبوة وتكذيب النبي ، وقد أشار إلى الأول منهما بقوله : (قلت ولعل الذي) والى الثاني بقوله : (وهنا وجه آخر ..) وملاك الوجه الأول : الإنكار والتكذيب ، وملاك الثاني : الخروج عن الدين مطلقا.