.................................................................................................
______________________________________________________
فكل ، وأُخرى أنّه إذا خرج الدم الكثير فكل (١) ، فطبعاً تقع المنافاة بين مفهوم كلّ منهما مع الآخر. فهل المعتبر كلا الأمرين ، أو أنّ المعتبر أحدهما فقط دون الآخر.
وقد ذكرنا في الأُصول (٢) أنّه لا تعارض بين المنطوقين أنفسهما بوجه ، إذ لا تنافي بين ثبوت التقصير لدى خفاء الأذان وبين ثبوته عند خفاء الجدران أيضاً ، وإنّما المعارضة نشأت من انعقاد المفهوم ودلالة القضيّة الشرطية على العلّية المنحصرة ، حيث دلّت إحداهما على انحصار علّة الجزاء في هذا الشرط الذي لازمه انتفاؤه لدى انتفائه ، والمفروض إنّ الأُخرى أثبتت الجزاء لدى تحقّق الشرط الآخر ، فتتعارضان لا محالة.
ففي الحقيقة لا معارضة بين نفس المنطوقين وإن اندفعت المعارضة بتقييد كلّ من المنطوقين بالآخر. إلّا أنّه لا مقتضي لذلك ، لما عرفت من عدم المعارضة بينهما. فرفع اليد عن إطلاق كلّ من المنطوقين بلا وجه.
وعلى الجملة : فالمعارضة ليست إلّا بين منطوق كلّ منهما ومفهوم الآخر ، أي إطلاق المفهوم لا أصله كما لا يخفى. فنرفع اليد عن إطلاقه في كلّ منهما ونقيّده بمنطوق الآخر ، فيكون مفهوم قوله (عليه السلام) : إذا خفي الأذان فقصّر (٣) بعد ارتكاب التقييد المزبور أنّه إذا لم يخف الأذان لا تقصّر إلّا إذا خفيت الجدران.
ونتيجة ذلك اعتبار أحد الأمرين من خفاء الأذان أو خفاء الجدران في الحكم بالتقصير ، إذ التقييد المذكور لا يستدعي إلّا التقييد بـ (أو) لا بالواو. فلا وجه لتقييد المنطوق بالمنطوق المستلزم للعطف بالواو كي ترجع النتيجة إلى
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ٢٤ / أبواب الذبائح ب ١٢.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٠٥.
(٣) الوسائل ٨ : ٤٧٢ / أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ٣ (وقد نقل بالمضمون).