وقال له : يا أخي ، أنت حامل لوائي وعمادي ، فإذا قُتلت يؤول شملنا إلى الشتات ، فقال العبّاس عليهالسلام : يا أخي ، ضاق صدري وكرهت الحياة وأُريد الطلب بثأري ،
__________________
= أخي ، هل من رخصة ، فبكى الحسين عليهالسلام بكاءً شديداً ثمّ قال : يا أخي ، أنت صاحب لوائي وإذا مضيت تفرّق عسكري ، فقال العبّاس : قد ضاق صدري وسئمت من الحياة وأُريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين. فقال الحسين عليهالسلام : فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء.
فذهب العبّاس ووعظهم وحذّرهم فلم ينفعهم فرجع الى أخيه فأخبره ، فسمع الأطفال ينادون العطش العطش ، فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة وقصد نحو الفرات فأحاط به أربعة آلاف ممّن كانوا موكّلين بالفرات ورموه بالنبال فكشفهم وقتل منهم على ما روي ثمانين رجلاً حتّى دخل الماء (المشرعة ـ المؤلّف) فلمّا أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين وأهل بيته فرمى الماء (من كفّه ـ المؤلّف) وملأ القربة وحملها على كتفه الأيمن وتوجّه نحو الخيمة وقطعوا عليه الطريق وأحاطوا به من كلّ جانب ، فحاربهم حتّى ضربه نوفل الأزرق (ابن الأزرق ـ المؤلّف) على يده اليمنى [ فقطعها ] فحمل القربة على كتفه الأيسر فضربه نوفل (حكيم بن الطفيل ـ المؤلّف) [ فقطع يده اليسرى من الزند ] (على يده اليسرى ـ المؤلّف) فحمل القربة بأسنانه [ فجائه ] (وجاء ـ المؤلّف) [ فأصاب ] (وأصاب ـ المؤلّف) القربة وأُريق مائها ، ثمّ جائه سهم آخر فأصاب صدره فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين : أدركني ، فلمّا أتاه رآه صريعاً فبكى [ وحمله إلى الخيمة ].
[ ثمّ قالوا : لمّا قتل العبّاس قال الحسين عليهالسلام : ] الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي .... (منه رحمهالله) بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٤١.
وجعلنا اختلاف المؤلّف مع البحار بين قوسين ، وكلام البحار بين القوسين المركّنة. وفي غير واحد من المجاميع أنّ العبّاس برز كالجبل العظيم وقلبه كالطود الجسيم ، لأنّه فارساً هماماً وبطلاً ضرغاماً وجسوراً على الطعن والضرب ، وفي ميدان الكفاح والحرب ، فوقف قبال القوم وقال : يا عمر بن سعد ، هذا الحسين ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وإخوته وبنيه وبني أعمامه وبقي فريداً مع عياله وهم عطاشى قد أحرق الظمأ قلوبهم ومع ذلك قال : دعوني أخرج إلى طرف الهند أو الروم وأُخلّي لكم الحجاز والعراق وأشرط عليكم أنّ غداً في القيامة لا أُخاصمكم عند الله حتّى يفعل بكم ما يريد ، فتقدّم شمر وقال : يابن أبي تراب ، لو كان كلّ وجه الأرض ماء وهو في أيدينا ما أسقيناكم منه قطرة واحدة إلّا أن تدخلوا في بيعة يزيد ، فرجع العبّاس وأخبره بما سمع. (منه رحمهالله)